24-أكتوبر-2019

رياض محرز، أوليفيه جيرو (تركيب/ الترا جزائر)

يبدو أنّ الاتفاق على إجراء مباراة وديّة بين الجزائر وفرنسا مطلع العام القادم، يسير في الاتجاه الصحيح؛ حيث أزاحت المقابلة الأخيرة، التي جمعت المنتخب الجزائري بنظيره الكولومبي على الأراضي الفرنسية، مخاوف الفرنسيين من تكرار حادثة 2001، حين اقتحم الجمهور الجزائري أرضية "ستاد دو فرانس" قبل نهاية المباراة التي جمعت فريقهم بمنتخب "الديكة"، وتسببوا في أعمال شغب. إذ عادت فيها الغلبة حينها للمنتخب الفرنسي المتفوّق بأربعة مقابل هدف واحد سجّله جمال بلماضي، المدّرب الحالي لـ "محاربي الصحراء".

يواجه السفير الفرنسي الحالي  كزافييه درينكورت، موجة انتقادات بشأن موقف بلاده من الحراك الشعبي

اهتمّت الصحافة الفرنسية كثيرًا بمباراة الجزائر/كولومبيا، كونها مثّلت عودة الجزائر للعب في فرنسا بعد 11 سنة كاملة، وذكرت صحيفة "ليبراسيون" في مقال لها، أنّ هذه المواجهة شكّلت اختبارًا للمباراة المنتظرة بين الجزائر وفرنسا سنة 2020.

اقرأ/ي أيضًا: "محاربو الصحراء" يفوزون بثلاثية نظيفة أمام كولومبيا في وديّة بفرنسا

لقاء جديد

يوم الإثنين الماضي، التقى رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم "فاف" خير الدين زطشي، بنظيره الفرنسي نويل لوغاريت في باريس، لبحث ملفّ تنظيم مباراة بين منتخبي البلدين السنة القادمة.

من جهتها، علّقت "الفاف" على اللقاء الودي بين المنتخبين بالجزائر، بأنّه لم يُتّخذ أيّ قرار إلى حدّ الآن، واتفق الرئيسان على التطرّق إلى هذه المسألة بمناسبة زيارة نويل لوغاريت إلى الجزائر، بدعوة من قبل رئيس الاتحادية الجزائرية خلال الثلاثي الأوّل لسنة 2020.

وقال لوغاريت في وقت سابق في تصريحات صحفية، إنه "منذ وجودي في هذا المنصب قبل 8 سنوات وأنا أريد الذهاب إلى الجزائر، الشباب هناك يعرفون جيّدًا بطولتنا ولاعبينا، ويرغبون في مثل هذه المواجهة، لقد حان الوقت من أجل هذه المباراة".

بدوره، رحب الناخب الوطني الجزائري جمال بلماضي بإقامة هذه المواجهة، وقال للصحافيين: "نعم، يُمكننا التفكير بإقامة مباراة ودّية ضدّ فرنسا، سيكون لقاء مرموقًا، فهو ضد فريق تُوّج مرتين بكأس العالم في 1998 و2018، هذا ما أرغب به على الصعيد الرياضي، جميعنا نعلم أن تلك المواجهة مع فرنسا مزدحمة بالقصص، لذا وبالنظر لكل تلك العوامل، يبدو من المثير جدًا أن نلعب ضدّهم يومًا ما".

ويبدو أن التعاون بين اتحادي الكرة لن يقف عند المنتخب الأوّل، فقد تطرق لوغاريت وزطشي في اجتماعهما إلى "مختلف آفاق التعاون وتبادل التقنيات بين البلدين، تحسبًا للسنوات الأربع القادمة، من بينها تنظيم دورة لفئة أقل من 17 سنة في وقت لاحق بفرنسا بمشاركة الجزائر".

مباراة الثأر

رغم الحماس الذي يُبديه اتحادا الكرة في فرنسا والجزائر، لتنظيم مباراة بين منتخبي البلدين، إلا أنّ ذلك لن يكون سهلًا بالنظر إلى أن الجميع يتذكّر ما حدث في 6 تشرين الأوّل/أكتوبر 2001 بملعب فرنسا، حين توقّفت المباراة بين المنتخبين في الدقيقة 76 إثر اجتياح الجمهو الجزائري لأرضية الميدان.

وانهزم المنتخب الجزائري الذي واجه وقتها بطل العالم لسنة 1998، بفارق أربعة أهداف مقابل هدف يتيم، سجّله الناخب الوطني الحالي جمال بلماضي، الذي قد يشكّل له تنظيم مباراة جديدة فرصة للثأر من تلك الخسارة المدوّية، وتحقيق فوز كمدرّب على بطل العالم 2018.

الحديث الذي دار في السنوات الماضية، كان حول تنظيم مباراة في الجزائر، لتكون بمثابة لقاء عودة، غير أنّ الظروف التي تدور اليوم، تصبّ في إقامتها من جديد بفرنسا، بالنظر إلى نجاح تنظيم مباراة الجزائر – كولومبيا بمدينة ليل، وكذا انتقاد جمال بلماضي للملاعب الجزائرية الموجودة حاليًا، إلا في حالة ما إذا تمّ تسليم إحدى الملاعب الجديدة قيد الإنشاء، كملعبي وهران وبراقي بالعاصمة الجزائر، والذي قد يكون افتتاحها عبر مباراة دولية لا فتة.

في كانون الأوّل/ديسمبر 2013، قال لوغاريت في مقابلة مع صحيفة "كومبتسيون" الجزائرية الناطقة بالفرنسية، إنّه عرض على رئيس اتحاد الكرة الجزائري السابق محمد روراوة، تنظيم مباراة ودية بين منتخبي البلدين تُقام في الجزائر.

لكن يبدو أنّ هذا الأمل ما زال بعيد المنال، فقد قال لوغاريت قبل لقائه زطشي إن "الكلّ يعلم رغبتي في لعب هذه المواجهة في الجزائر، وتكون بمثابة مباراة العودة  للقاء 2001، لكن لم نحصل على أيّ تصاريح أمنية، ويبدو أن الجزائر البلد الوحيد الذي لا يُمكن لفرنسا اللعب فيه".

من جهته، بدّد زطشي هذه المخاوف، وأكد في تصريح للصحافة عقب نهاية مباراة الخضر أمام كولومبيا "سنواجه المنتخب الفرنسي في الجزائر، وليس هناك أيّ مشكل بهذا الصدد".

قرارات سياسية

لا يتوقّف تنظيم مباراة بين "المحاربين" و"الديوك" على اتفاق بين زطشي ولوغاريت فقط، إنما يتطلّب أيضًا الحصول على موافقة سياسية بالنظر إلى حساسية العلاقات بين البلدين وارتباطها بالماضي الاستعماري.

يبدو أن هذا السبب، هو الذي جعل لوغاريت يقول إنّ إجراء هذا اللقاء يتطلب أيضًا موافقة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لأنّ "الاتفاق السياسي ضروري وإجباري".

وحتّى وإن كان زطشي لم يتحدّث في تصريحاته عن ضرورة حصوله على الموافقة السياسية، إلا أنّ الأمر لا يختلف عنه في الجزائر، إذ حين يتعلّق بالملف الفرنسي، تحضر عدّة حسابات ومواقف سياسية، حتّى ولو كان مجرّد لقاء ودّي في كرة القدم، خاصّة في ظلّ الظرف الحالي الذي يعرف تزايدًا في رفض كلّ ما له علاقة بباريس.

قبل أيّام فقط، قال وزير المجاهدين الطيب زيتوني إنّ "السلطات الفرنسية ليس لديها إرادة صادقة لإيجاد حلول للملفات العالقة بين البلدين؛ بشأن استرجاع أرشيف الثورة التحريرية وجماجم شهداء المقاومة الشعبية، والتعويض عن جرائهما في حقّ الشعب الجزائري طيلة الفترة الاستعمارية".

وأضاف أن "العلاقات مع فرنسا فيما يتعلق بالملفات المطروحة والخاصّة  باسترجاع جماجم شهداء المقاومة الشعبية و كذا الأرشيف وملف المفقودين إبّان  الثورة التحريرية، فضلًا عن ملفّ التعويضات الخاصّة بالجرائم المرتكبة في حقّ الشعب الجزائري، في التفجيرات النووية بالصحراء الجزائرية هي حاليًا مجمدة".

 ويواجه السفير الفرنسي الحالي  كزافييه درينكورت، موجة انتقادات بشأن موقف بلاده من الحراك الشعبي، ومحاولة التدخّل في الشأن الجزائري، كما توجّه له أصابع الاتهام بالتعاون مع نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

الحسابات السياسية تسيطر على اللقاء المحتمل بين المنتخب الجزائري ونظيره الفرنسي

رغم تصريحات زطشي ولوغاريت، الباعثة على التفاؤل لتنظيم مباراة بين منتخبي البلدين، تبقى الحسابات السياسية هي الفيصل في النهاية، لإقامة مواجهة ستشكّل حدثًا استثنائيًا لبعض اللاعبين الجزائريين، الذين لعبوا سابقًا في فريق "الديكة" لما كانوا في الفئات الصغرى، أو تعرّضوا للظلم والتهميش مثل رياض محرز، والأمر لا يختلف أيضًا بالنسبة للاعبين في "منتخب الزرق" الذين كان في إمكانهم اللعب للجزائر، مثل نبيل فقير أو كيليان مبابي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محاربو الصحراء وأسود التيرانغا.. تاريخ المواجهات

مصدر لـ"الترا جزائر": إقالة مدرّب المنتخب المحلي بعد هزيمة "ثقيلة" أمام المغرب