20-فبراير-2024
محمد كواش

محمد كواش (الصورة: فيسبوك)

تُسجّل بيانات مصالح الدرك الوطني والحماية المدنية في الجزائر أسبوعيا عدد وفيات بين 30 و45 ضحية في الأسابيع الأخيرة جراء حوادث المرور، وهو ما يشير إلى فداحة الخسائر البشرية التي ما فتئت تسببها هذه الظاهرة، مع ما لذلك من تداعيات على المجتمع، إذ تعتبر الكلفة الإنسانية أكثر إيلاما.

كواش: تتكرر الحوادث في النقاط السوداء المعروفة بكثرة الحوادث فيها وفي الطريق السريع

وللتعمق في هذه الظاهرة، كان لـ"الترا جزائر" حوار مع الدكتور محمد كواش،  الخبير والباحث دولي في مجال السلامة المرورية، حول حوادث السير في الجزائر والأسباب المختلفة التي تقف وراءها والحلول الممكنة لحفظ الأرواح التي تسقط يوميا في الطرقات. 

عرفت الجزائر في الأسبوع الأخير حوادث مرور تسببت في مقتل 36 شخصا، وهي ظاهرة تتكرر كل أسبوع، ما هي الأسباب في رأيكم؟

المواطن أصبح يعيش يوميا على حوادث المرور المأساوية ومجازر الطرق، والتي تتسبب في خسائر مادية وبشرية وتعطيل حركة المرور لساعات.  إحصائيات حوادث المرور في الجزائر تبين وجود أربع ذروات، وهي الدخول الاجتماعي، بداية فصل الخريف، والتقلبات الجوية القوية في فصل الشتاء، خاصة عندما ترتفع درجات الحرارة وتشكل الضباب الذي يعيق الرؤية، وفي شهر رمضان وفصل الصيف أين تكثر حركة السير، وتتكرر الحوادث في النقاط السوداء المعروفة بكثرة الحوادث فيها وفي الطريق السريع.

خلال الفترة الأخيرة، سُجّلت حوادث مرورية  كبيرة للوزن الثقيل مثل الشاحنات والحافلات، ما تعليقكم على ذلك ؟ 

حوادث الوزن الثقيل  تكرر في المسافات الطويلة جدا من الشرق إلى الغرب أو من الشمال إلى الجنوب، مثل آخر حادث مرور كان في تمنراست كانت الحافلة قد قطعت أكثر من 1100  كلم وهذا أمر غير معقول، والسبب الرئيسي لايتعلق لا بالسائق ولا بنوعية الحافلة والشاحنة وإنما بالمسافة الطويلة التي لا تتحملها المركبة  والسائق على الرغم من تغييره عدة مرات أثناء الرحلة، وغالبية سائقي الأوزان الثقيلة سواء حافلات أو شاحنات هم من كبار السن وفي مرحلة التقاعد ومصابين بأمراض مزمنة أو شباب مراهقين طائشين.

هل قانون المرور في الجزائر يساعد على خفض حوادث السير؟

 هناك بعض الفراغات القانونية في قانون المرور في الجزائر، مثلا عقوبة المخالفة المرورية لعدم وضع حزام الأمان هي نفسها لعدم احترام اشارة قف، ولكن نتائج المخالفتين ليست نفسها، مخالفة "إشارة قف" تنجر عنها مجزرة مرورية ووفيات، ولكن عدم وضع حزام الأمان يضر الراكب فقط.


أعتقد أنه يجب وضع قوانين تتماشى مع ظاهرة حوادث المرور التي هي في تطور مستمر، بعدما كنا نتكلم عن الإرهاب المروري أصبحنا نتكلم عن مجازر مرورية، ونفقد عائلات كاملة ونمزق دفاتر عائلية، لذا وجب التفكير في تشريعات جديدة والاستعانة بخبراء لان الحملات التحسيسية والتوعوية لم تجدي نفعا.

هل في رأيكم سن 18 يؤهل الشباب لقيادة السيارات ؟ 

سن 18 هو مقياس عالمي للحصول على الرخصة،  وهناك دول تمنحها ابتداء من 16 سنة مع اشتراط مرافق، المعيار لقيادة السيارة باحترافية لا يتعلق بالسن وإنما بالصحة النفسية والعقلية للسائق، لذلك من المهم جدا فرض اختبار  صحة نفسية وعقلية قبل الحصول على رخصة السياقة، لأن القدرة على التحكم في المركبة وردة الفعل السريعة تساعد على تفادي حوادث مرور مميتة، بالإضافة للشعور بالمسؤولية اتجاه المركبة والسلامة المرورية إلى التعقل أثناء السياقة واحترام قانون السير وعدم التهور والقيادة بسرعة عالية. بعدما كانت حوادث المرور بسبب المركبات أصبحنا نرى حوادث المرور بسبب السائقين . 

ما رأيكم في مقترح إدراج التربية المرورية في المدارس ؟ 

نعم من الضروري جدا إدراج هذه المادة في المناهج الدراسية، وتلقين الأطفال منذ الصغر المبادئ الأساسية لاستعمال السيارات والطريق، بمختلف الوسائل البيداغوجية المختلفة، وبالدروس التطبيقية وتقل التلاميذ الى الميدان لمشاركة الجهزة الأمنية، بالإضافة إلى القيام بالحملات التحسيسية والتوعوية من أجل إنشاء أجيال تتمتع بالثقافة المرورية وللحد من المجازر المرورية.

ما هي الحلول الممكنة لتجنب هذه المجازر المرورية؟

الحلول تبدأ من خلال جعل السلامة المرورية أولوية وطنية ويتم تبنيها من أعلى هرم في السلطة، والصرامة في تطبيق قانون المخالفات المرورية، بالإضافة إلى ضرورة العمل برخصة السياقة بالتنقيط  لأنها أسلوب تربوي وردعي تكويني، وتجديد حظيرة المركبات لأن أغلبها قديمة وقطع غيارها قديمة وغير أصلية، والحرص على التكوين النوعي المحترف للسياقة النوعية الوقائية والدفاعية، وإحصاء النقط السوداء في الطرقات والعيوب الفنية وتفعيل حلول سريعة لمواجهتها وإزالتها.