21-أغسطس-2023
استيراد السيارات الجديدة

(الصورة: GETTY)

باشرت الحكومة عملية منح اعتمادات نهائية لاستيراد المركبات الجديدة شهر آذار/مارس 2023، وبلغ عدد الاعتمادات الممنوحة لوكلاء السيارات إلى غاية منتصف شهر آب/أوت الجاري، حسب أصداء متطابقة 7 ترخيصات نهائية.

زبائن علامة "فيات" الإيطالية يشتكون تأخر استلام سياراتهم والحكومة تسارع لفتح تحقيق في القضية

ولم يتمكن الحائزون على الرُخص، إلى حدّ كتابة هذا التقرير، من تمرير سيارات جديدة بكميات مرتفعة تسدُّ العجز المسجل في السوق الوطنية المتعطشة للمركبات المستوردة منذ أزيد من 7 سنوات، أو على الأقل طمأنة المواطنين بأن الأسعار ستنهار بمجرد وصول السيارات إلى الموانئ الجزائرية.

وتبقى الأصناف الوحيدة المتداولة لدى الوكلاء اليوم هي "فيات" الإيطالية بتشكيلتها الرباعية، حيث يبدو جليًا بداية انتشار هذه العلامة في الطرقات الجزائرية بترقيم 2023.

ويشتكى طالبو "فيات" من تأخر تموينهم بالسيارة، ويقول هؤلاء أن الاستلام يتجاوز الأشهر، حيث وجّه عدد كبير منهم شكاوى متعددة لجمعيات حماية المستهلك ووزارة التجارة وترقية الصادرات وحتى نشروا مقاطع فيديو عبر صفحات التواصل الاجتماعي توثق الظلم الذي واجهوه دون جدوى.

وتقول وزارة التجارة أنها باشرت تحقيقًا في الملف سيكشف المتورطين في هذه التجاوزات والذين سيدفعون الثمن غاليًا، حيث سيطبق عليهم قانون المضاربة الصارم. ولكن يبقى السؤال المطروح اليوم، متى ستنتهي أزمة السيارات في الجزائر؟

العروض جاهزة والمركبات غائبة

وسارعت البنوك العمومية والخاصة بمختلف أصنافها وتخصصاتها إلى إطلاق عروض لتمويل السيارات وفق الصيغ الكلاسيكية وحتى التمويل الإسلامي المطابق للشريعة، والذي يتضمن مزايا غير مسبوقة على غرار تغطية 90 بالمائة من ثمن المركبة، وتشمل المساهمة الأولية للزبون 10 بالمائة فقط من الثمن الإجمالي.

وكمثال عن العروض المتاحة، يقترح البنك الوطني الجزائري حسب رئيسة قسم الصيرفة الإسلامية بالبنك، أمينة عثامنية، في تصريح لـ"الترا جزائر" صيغ تحفيزية تصل فيها نسبة تمويل البنك 90 بالمائة، حيث يتوافد مئات المواطنين على الشبابيك عبر مختلف فروع ووكالات "بي أن أ" الإسلامية عبر التراب الوطني للتعرف على المنتجات المتاحة لتمويل المركبات.

وتقول عثمانية أن عملية البيع لن تنطلق قبل جاهزية السيارات بمصانع الغرب الجزائري نهاية السنة الجارية، بداية بمركبات "فيات" المنتجة بمصنع وهران، جازمة أن البنك سيباشر إجراءات استقبال الملفات عند جاهزية أوّل سيارة مصنعة محليًا.

أما القرض الشعبي الجزائري، فيتحدث رئيس قسم الصيرفة الإسلامية، سفيان مزاري، في تصريح لـ"الترا جزائر"، عن صيغتين لتمويل المركبات وفق الشريعة ودون فوائد ربوية، على مستوى البنك الذي يمثله.

ويقول مزاري أن الصيغة الأولى ترتبط بالمركبات المصنعة محليا ويصل سقف التمويل 7 مليون دينار أي 35 ألف دولار، بعدما كان يعادل في وقت سابق 3 مليون دينار أي 15 ألف دولار، بزيادة تصل 4 مليون دينار أو 20 ألف دولار.

كما يكشف المتحدث عن عرض آخر لبيع المركبات بالإيجارة التمليكية سيشرع البنك في الترويج لها شهر أيلول/سبتمبر 2023، ويشمل العرض السيارات النفعية فقط لفائدة المؤسسات بتمويل يعادل 100 بالمائة من قيمة المركبة والتسديد يكون في ظرف 40 سنة كأقصى حد.

7 اعتمادات في انتظار المزيد

ويرى الخبير الاقتصادي، نبيل جمعة، أن سوق السيارات في الجزائر لا تزال تعاني من العجز رغم منح وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني ما يقارب 7 اعتمادات للوكلاء، غير أن تأخر ضخ كميات معتبرة من السيارات في السوق، يطرح اليوم عدة تساؤلات حول مصير هذه الاعتمادات.

ويرمي جمعة أسهم الإتهامات إلى بعض الوكلاء الذين قال إنهم "خالفوا تعليمات الحكومة وتوصيات رئيس الجمهورية القاضية بالسعي إلى توفير السيارات للمواطن الجزائري بمجرد حصولهم على الاعتمادات، رغم أن القانون يمنحهم مهلة سنة لاستغلال الاعتماد"، متهمًا هؤلاء بـ"افتقادهم لمحفظة مالية لدى البنوك، تؤهلهم للاستيراد، وفق ما تنص عليه القوانين المؤطرة للتجارة الخارجية."

ويوضح المتحدث بشكل أكثر دقة، فيقول أن فتح تمويل مستندى لدى البنوك يتطلب دفع ما يقارب 120 بالمائة من سعر السيارات المستوردة قائلا: "هناك مواطنين دفعوا أقساط السيارات ولم يتحصلوا عليها منذ 4 أشهر، فكيف تم تسجيل كل هذه المخالفات".

وذهب نبيل جمعة أبعد من ذلك مؤكدا أن أطرافًا تحاول عرقلة قرارات الرئيس، حيث تسعى هذه الأخيرة لتعميق أزمة السيارات في السوق الجزائرية، مصرحا: "السوق الوطنية اليوم بحاجة الى 400 ألف سيارة لإنهاء الندرة".

الخبير الاقتصادي نبيل جمعة لـ"الترا جزائر": أطراف تعرقل قرارات الرئيس وتعمّق أزمة السيارات في السوق

وبخصوص ملف السيارات المستعملة، يعتبر جمعة أن هذه المركبات التي يستوردها الجزائريون من بعض الدول الآسيوية والعربية على غرار الإمارات العربية المتحدة لا تزال باهظة الثمن، ولم تساهم في وأد الندرة.

وجدد جمعة تأكيده على أن نهاية ازمة السيارات في الجزائر يتطلب بعث صناعة محلية قوية بمشاركة المختصين والعارفين بهذا النشاط، قائلا:" كخبراء اقتصاد، قدمنا جملة من المقترحات لإنهاء الأزمة وذلك باستيراد السيارات التي كانت تقبع خلال أزمة كورونا في مستودعات اليابان وانجلترا وبيعت حينها بأقل من ثمنها بـ25 بالمائة"، مضيفا:" طالبنا بمنحها للمؤسسات العمومية على غرار سوناكوم لتوزيعها في السوق والإشراف على بيعها لقطع الطريق أمام المضاربين".

الاستقرار مرتبط بالوفرة

وبخصوص إمكانية انخفاض الأسعار، يتوقع رئيس تكتل الميكانيك في الجزائر، عادل بن ساسي، أن يعرف سوق السيارات نهاية السنة الجارية انفراجًا نسبيًا سواء تعلق الأمر بانخفاض الأسعار أو من حيث الوفرة وذلك بالتزامن مع دخول المركبات الجديدة والمستعملة إلى السوق الوطنية.

محدث "الترا جزائر" يؤكد أن السوق الجزائرية اليوم متعطشة للسيارات ولا يزال الطلب عليها يفوق العرض الموجود حاليًا، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى حاجة الجزائر لضخ كميات كبيرة من المركبات في السوق، وعليه فإن دخول مصانع إنتاج السيارات محليا حيز الخدمة، حسب بن ساسي سيكون بمثابة الحل الفعلي لأزمة السيارات في الجزائر.

تكتّل الميكانيك حذّر من "سماسرة" السوق الذين يفرضون منطقهم في السوق تحقيقًا للربح على حساب الزبون.

كما حذر بن ساسي من سوء استغلال المركبات المطروحة في السوق حاليًا أو تلك التي ينتظر دخولها قريبًا، وذلك من طرف بعض الوسطاء أو من وصفهم بالسماسرة، الذين يستغلون الفرصة لفرض منطقهم في السوق، وتحقيق الربح على حساب الزبون دون الاكتراث بالأزمة قائلا: "السلطات مطالبة بتشديد الرقابة على هؤلاء لضمان وصول السيارة إلى الزبون الفعلي بأسعار معقولة".

وفي سياق ذي صلة، جدد رئيس تكتل الميكانيك تأكيده على أن الجزائر دولة تمتلك من المقومات الاقتصادية والصناعية ما يؤهلها لتكون مستقبلا قطب صناعي لإنتاج السيارات في حال توفرت الإرادة الفعلية لبعث هذه الصناعة".