28-يونيو-2023
يا كعبة

الفنان الراحل عبد الرحمن عزيز (الصورة: فيسبوك)

لا تحلُو أجواء عيد الأضحى أو كما يسمى "العيد الكبير" في الجزائر، بذبح الأضحية أو تبادل الزيارات والتهاني بعبارة "صح عيدكم" فقط، ولكن باستعادة إحدى أقدم وأشهر الأغاني التي تصنع بهجتهم وتتغنى بالحج وببيت الله الحرام..  عنوانها "يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي".

"يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي" أغنية تراثية شهيرة تُذاع عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية الجزائرية صباح عيد الأضحى المبارك وتبتهج بها بيوت الجزائريين، فلا يخلو بيت إلاّ وكلمات هذه المقطوعة الرائعة تُردد على ألسنة الكبار والصغار وعلى لسان صاحبها الفنان الجزائري الراحل عبد الرحمان عزيز (اسمه الحقيقي عبد الرحمان آيت عزيز).

أغنية العيد..

تعتبر أغنية "يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي" واحدة من أشهر الأغاني التي تقدم في المناسبات الدينية وبالأخص في عيد الأضحى، بينما تصنع أغنية "من زينو نهار اليوم صحّ عيدكم" تطبع فرحة الجزائريين في عيد الفطر السعيد.

وبالرغم من مرور نحو قرن على صدورها، لم تفقد رائعة "يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي" مكانتها في المجتمع الجزائري، وبقيت بالبريق ذاته والقيمة ذاتها، بل صارت قطعة أساسية في طقوس الجزائريين وفرحتهم بعيد الأضحى ولا يمكن الاستغناء عنها.

يعود تاريخ أداء هذه الأغنية أو الأنشودة التي تتغنى ببيت الله وتتضمن مديحا للرسول عليه الصلاة والسلام والنبي ابراهيم عليه السلام، إلى نهاية الأربعينيات من القرن الماضي إبّان فترة الاحتلال الفرنسي للبلاد، حيث كتبها وأدّاها عبد الرحمان عزيز من أجل إبراز هوية الشعب الجزائري العربية والإسلامية ومن أجل التعبير عن رفضه المطلق ومقاومته الشرسة من خلال الفن لسياسة التغريب التي مارستها فرنسا الاستعمارية بهدف محو الهوية الجزائرية.

وفي سبعينيات القرن الماضي أي بعد استرجاع السيادة الوطنية بنحو عشرين عامًا، انتشرت هذه الأغنية كالنار في الهشيم ووصلت أسماع الناس في ظرف قصير، محققة رواجًا كبيرًا بعدما دخلت أستوديو التسجيل بالتلفزيون الجزائري، وصارت تُردد على كل الألسن.

ولا تعدّ "يا كعبة يا بيت ربي محلاكي" الأغنية الوحيدة في مدح الرسول محمد (عليه الصلاة ولسلم) وتتغنى بالحج، بحيث توجد أغاني أخرى أدّاها فنانون جزائريون من بينها أنشودة "الله الله الله احنا حجاج مشورين لمقام رسول الله" و"أهلا وسهلا يا الحاج" للراحل رابح درياسة، وأغنية "راهم جاو الحجاج" للزهر الجيلالي، وغيرها.

كلمات الأغنية

المديح الأول الأصلي الذي نهل واقتبس منه الراحل عبد الرحمان عزيز (1920-1992) منه أنشودته، تتضارب حوله الروايات، فهناك من ينسبه إلى الشيخ العربي بن صاري (1870-1964) عميد الطرب الأندلسي الذي أدّى مديحًا باللحن نفسه بعنوان "ان شاء الله نحجّوا".

وجاء في أنشودة أو مديح "إن شاء الله نحجّوا: "إن شاء الله نحجو، يا كرام يا كرام وفي جدة نزادو، ما شاء الله..يا مدينة الرسول بشراك، بمحمد حبيبي مولاك..."

وبالمقابل تقول كلمات أنشودة "يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي": 

يا كعبة يا بيت ربي محلاكي (ما أحلاك)

والسلام على الخليل اللي (الذي) بناك

إن شاء الله نزورها، الله أكبر،

 ونشاهد نورها، الله أكبر

يا سلام يا سلام ، ونشمّ بخورها، الله الله

والسلام على الخليل اللي بناك

يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي

والسلام على الخليل اللي بناك

إن شاء الله نمشي، الله أكبر

ونزور القُرشي، الله أكبر

يا سلام يا سلام، يكون ثمة نعشي، الله الله

ربي يغفر لي كل زلاتي

يا كعبة يا بيت ربّي محلاكي

والسلام على الخليل اللي بناك

النبي شفيعنا، الله أكبر، إن شاء الله يحمينا، الله أكبر

يا سلام يا سلام، قولوا آمين، الله الله

والسلام على الخليل اللي بناك

يا كعبة يا بيت ربي محلاكي

والسلام على الخليل اللي بناك

نمشيو (نمشي) ونعودو (نعود)الله أكبر

 نطولو (نطيل المدة) ونزيدو، الله أكبر

يا سلام يا سلام، ونشم ورودو (وروده)، الله الله

ربي يغفر لي كل زلاتي.

كما جرى تقديم أنشودة "يا كعبة يا بيت ربّي" وإعادة توزيعها موسيقيًا من قبل عديد الفرق الانشادية المحلية وبعض الفنانين الذين احتفوا بها تكريمًا لمبدعها الراحل عبد الرحمان عزيز، ومن بين الذين أعادوها وقدموها في مناسبات دينية مختلفة فرقة "بلابل الآفاق" من وادي سوف (جنوبي البلاد)، المنشد نجيب عياش.. وغيرهم.

أشهر أغاني عبد الرحمان عزيز

وفي رصيد الفنان عبد الرحمان عزيز المولود في القصبة بالعاصمة الجزائر عام 1920 (ينحدر من مدينة تيزي وزو)، عديد الأغاني الهادفة والملتزمة (دينية ووطنية) من بينها "يا كعبة يا بيت ربي محلاكي"، نشيد "عليك منّي سلام يا أرض أجدادي"، "يا محمد مبروك عليك الجزائر رجعت ليك"، "غرناطة"، "زاد النبي وفرحنا بيه"، "فاطمة الزهراء يا بنت بلادي"... وأخرى.

بعد مسيرة حافلة بالعطاء رحل عبد الرحمان عزيز في الـ6 فبراير/شباط 1992، بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، متأثرًا بالمرض، ووري الثرى بمقر إقامته بالبليدة.