28-مايو-2023
بريكس

اجتماع لقادة دول مجموعة بريكس (صورة أرشيفية/الترا جزائر)

يجتمع وزراء خارجية مجموعة بريكس مطلع شهر جوان/حزيران المقبل بمدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، لمناقشة ملفات عضوية بعض البلدان التي طلبت الانضمام للتكتل على غرار الجزائر ومصر والسعودية، ويرتقب الفصل النهائي في الملفات خلال الجمعية العامة المنتظرة شهر أوت/ آب 2023.

تتباين وجهات النظر حول فرضات انضمام الجزائر إلى "بريكس"، إلا أن أغلب الآراء والتحليلات تؤكّد أن الجزائر على بعد خطوات فقط من الالتحاق بهذه المجموعة

وتتفاوت وجهات النظر حول فرضيات انضمام الجزائر إلى "بريكس"، إلا أن أغلب الآراء والتحليلات تؤكّد أن الجزائر على بعد خطوات فقط من الالتحاق بهذه المجموعة التي تأسّست بشكل رسمي سنة 2009، بعد اجتماع وزراء خارجيتها بموسكو الروسية، ولو كعضو ملاحظ في مرحلة أولى.

ولا تفرض "بريكس" أية شروط للانضمام، ولا قواعد تبني عليها قراراتها بشأن طلبات العضوية التي فاقت شهر نيسان/أفريل المنصرم 19 طلبًا، وتكتفي بالتشاور فيما بينها للفصل بنعم أو لا في طلب الانضمام، حسب قرارات الدول الأعضاء وهي روسيا والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند.

وتعوّل الجزائر بقوة على دعم روسيا والصين باتخاذهما موقفًا إيجابيًا من انضمامها إلى تكتل "بريكس"، في حين تسابق السلطات الجزائرية  الزمن لتحسين أرقام ومؤشّرات الاقتصاد التي تظلّ، بعيدة عن أرقام الدول الأعضاء في التكتل، وتسعى لتقليص هذا الفارق من خلال جهود حثيثة لرفع نسبة النمو وجذب استثمارات جديدة ومشاريع هيكلية للسوق الجزائرية.

وتولى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون شخصيًا زمام الأمور لتحقيق نتائج إيجابية في طلب العضوية، من خلال قيادته لدبلوماسية اقتصادية خلال خرجاته إلى البلدان الأوروبية والآسيوية والعربية، قالت الجهات الرسمية إنه "يرمي من خلالها إلى التعريف بالسوق الجزائرية والفرص التي تتيحها هذه الأخيرة، وكذا قانون الاستثمار الجديد المليء بالمحفزات والامتيازات للوافدين الجدد للاستثمار".

إلا أن السؤال المطروح هو : "هل تكفي هذه الأوراق لضمان مقعد للجزائر في مجموعة بريكس؟ وماذا تستفيد إن تم قبولها كعضو ملاحظ؟ وكم يتطلب الأمر من الوقت لتتحول إلى عضو دائم؟".

الأنظار تتجه نحو كيب تاون

إلى هنا، يؤكّد الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، أن الأنظار كلها مشدودة اليوم إلى مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، وهي المدينة التي ستحتضن الاجتماع الذي سيفصل في مسار انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس قريبًا، متوقعًا أن يطرح ممثلو المجموعة معايير وشروط يتم اعتمادها لقبول أعضاء جدد في التكتل، وهو آخر تصريح أدلى به سفراء الدول الأعضاء.

أما فيما يخص ملف  الجزائر، فيتوقع هادف في حديث لـ"الترا جزائر" أن تكون هناك دراسة لطلب انضمامها والتي ستكون حسب رأيه عبر مراحل، المرحلة الأولى أن تقبل فيها كعضو ملاحظ الأمر الذي سيمكنها من التفاعل مع الدول الأعضاء، وتوفير كافة الشروط التي تسمح للجزائر  بأن تصبح عضوًا دائمًا في هذا التكتل مستقبلًا، ومن خلال هذه العضوية ستتفاعل الجزائر مع هذه الدول وتكون لها مشاركة في اتخاذ القرارات على مستوى المجموعة لاحقًا.

ويضيف هادف: "من الأفضل أن يكون الإنضمام تدريجي خاصة وأن الجزائر تعيش حاليا مرحلة تحول شامل لتهئية كل الظروف وتحسين مناخ الأعمال والإطار العام للنشاط الاقتصادي في كل المجالات من الحوكمة إلى الاستثمار وترقية التجارة الخارجية وإصلاح المنظمومة المالية والبنكية".

وببطاقة عضو ملاحظ، سوف تتمكن الجزائر، وفق الخبير ذاته، من التنسيق والعمل والاستجابة للشروط التي وضعتها المجموعة، الأمر الذي يمكنها في مرحلة ثانية من ان تكون عضوا دائما في "بريكس" وتكون مشاركتها أكثر فعالية، وتنجح في إطلاق مشاريع أو الاستفادة من المجموعة سواءً كان تمويلًا ماليًا أو شراكات مع الدول التي حققت تنمية.

أما بالنسبة لسيناريو رفض انضمام الجزائر للتكتل، يقول هادف: "حسب رأيي هو سيناريو مستبعد، إن لم نقل مستحيل".

"بريكس" أيضا تريد الجزائر

وعلى ما يبدو فليست الجزائر فقط من تريد اليوم الانضمام إلى مجموعة "بريكس"؛ بل هذه المجموعة أيضًا ترغب أن تكون الجزائر بوابتها لولوج القارة الأفريقيةوحليفها بالمنطقة.

وفي السياق يؤكّد الخبير الروسي مخاييل بولكينوف في تصريح لـ"الترا جزائر"، أن رغبة عدد من الدول في الانضمام إلى "بريكس" تثبت أن العالم يتزايد استياءه من النظام الاقتصادي والسياسي العالمي القائم على أحادية القطبية، مؤكدا أن "بريكس" هي واحدة من تلك المجموعات التي تقدم بديلا حقيقيا للنظام العالمي الحالي.

وبخصوص إمكانية قبول انضمام الجزائر، يرى الخبير الروسي أن ذلك سيتحدد من قبل وزراء خارجية الدول الأعضاء وبعدها الرؤساء في بريكس في الاجتماع المقبل المنتظر شهر حزيران/جوان وبعده شهر آب/أوت القادمين، ورجح أن يكون الرد إيجابيًا إذا كانت الجزائر مستعدة لاتباع المبادئ الأساسية للمجموعة، حينها لن يكون هنالك أي مبرر لرفض عضويتها.

أما بالنسبة للمزايا التي تستفيدها مجموعة "بريكس" من انضمام دولة كالجزائر، فيقول الخبير الروسي: إن "الجزائر تحتل مكانة هامة في المنطقة العربية والمغاربية وحتى الأفريقية، كما أنها تتمتع بعلاقات تجارية واقتصادية ممتازة وقوية مع دول بريكس، ولذلك فإن انضمامها إلى المجموعة سيساعد التكتل على تعزيز استثماراته في أفريقيا، وولوج أسواق جديدة وإبرام صفقات اقتصادية كبرى".

هذا ما سيتغير بعد العضوية؟

ويتبادر إلى أذهان كثير من الجزائريين سؤال: ماذا سيتغير بعد انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس؟، حيث يؤكد الخبير الاقتصادي كمال ديب في تصريح لـ"الترا جزائر" أن العديد من المزايا سيجنيها الجزائريون أهمها صفقات ومشاريع جديدة مع الدول الأعضاء وتكثيف التعاون الاقتصادي معهم خاصة الصين وروسيا المتفوقتين في العديد من القطاعات.

وسيتيح الأمر للجزائر أيضًا الخروج من هيمنة الدولار، إذ تفكر المجموعة في استحداث عملة خاصة بها وسيفتح لها الأمر إمكانية الاقتراض أو تمويل مشاريعها من بنك "بريكس"، الذي سيكون مستقبلًا أحد أهم الخيارات المتاحة أمام الجزائر، لتمويل المشاريع الجديدة، ناهيك عن مرافقة هذه الدول النامية والتي حققت اقتصاداتها أرقامًا ومؤشرات بارزة لنقل الخبرة والتكنولوجيا والتطور للجزائر.

وتعتقد الجهات الرسمية أن دول "بريكس" ستساعد الجزائر في معالجة ملفات اقتصادية هامة، نظرًا لتفوقها في هذا المجال، على غرار الاستثمار والتجارة والتكنولوجيا والاتصالات وغيرها من القطاعات.

تعتقد الجهات الرسمية أن دول "بريكس" ستساعد الجزائر في معالجة ملفات اقتصادية هامة

في النهاية، يظل تكتل '"بريكس" خيارًا لجأت إليه الجزائر ودول عديدة في ظلّ الظرف العالمي الصعب الذي يتسم بكثرة التحالفات والتكتلات ومساع الدول في كل القارات لمجابهة مصاعب مرحلة ما بعد وباء كورونا وحرب أوكرانيا، حيث يصنفه خبراء بالحل الأمثل للمرحلة المقبلة.