10-أكتوبر-2023
برلمان

مقر المجلس الشعبي الوطني بالعاصمة (الصورة: Getty)

لم تمرّ عملية "طوفان الأقصى"، وما أعقبها من هجمات إسرائيلية غاشمة ضدّ الفلسطينيين دون ردود فعل رسميّة وحزبية في الجزائر، التي أعادت فتح مقترح قانون تجريم التطبيع مع "إسرائيل"، وصولًا إلى الردّ الشعبي الذي أشاد بالمقاومة ودعا إلى عودة فلسطين للفلسطينيين.  

النائب يوسف عجيسة لـ"الترا جزائر": نواب "حمس" سيُعِيدون بعث مشروع قانون تجريم التطبيع من جديد في ظلّ استمرار العدوان على فلسطين

وسارعت الخارجية الجزائرية لإصدار بيان في الساعات الأولى للعدوان الذي باشرته قوات الكيان الصهيوني ضدّ الفلسطينيين منددة بالظلم الذي يتعرض له الشعب هناك، حيث حمل البيان أنّه "تتابع الجزائر بقلق شديد تطور الاعتداءات الصهيونية الغاشمة على قطاع غزة، التي أودت بحياة العشرات من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني الأبرياء، الذين سقطوا شهداء في ظل تمادي الاحتلال الصهيوني في سياسة التجبر والاضطهاد التي يفرضها فرضا على الشعب الفلسطيني الباسل".

واغتنم نواب البرلمان الجزائري الأحداث التي تشهدها غزة، للمطالبة بإعادة إحياء مشروع قانون تجريم التطبيع، فما هو مضمون هذا القانون وما الذي سيُضيفه؟

ردّ فعل..

 يرى عضو المكتب السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني، فرحات اغريب، في إفادة لـ "الترا جزائر" أنّ عملية "طوفان الأقصى" التي قادتها المقاومة الفلسطينية ردّ فعل طبيعي ومنتظر على جرائم الاحتلال الصهيوني في فلسطين.

وقال اغريب إنّ السياسات الممارسة من قِبل الكيان الصهيوني مُخلّة بأبسط شروط الحياة الإنسانية ومراجِع الشرعية الدولية، التي يحكمها القانون الدولي، مؤكدًا أنّ حزب جبهة التحرير يتمتّع بقناعة راسخة تُفِيد بأنّ الاحتلال الصهيوني هو لبُّ الصراعِ العربي_ الإسرائيلي وأنّ إنهاء ما ينجرُّ عن هذا الصراع يكمن، حسبه، في الاستجابة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وتمكينه من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وتابع: "مواقف الدبلوماسية الجزائرية من القضية الفلسطينية مدعاتٌ للفخر والاعتزاز"، مضيفًا في الشأن أنّ "الجزائر طالما كانت إلى جانب الشعب الفلسطيني وندّدت في كل مرة باعتداءات الصهيانة على الفلسطينيين وكذا بالجرائم المرتكبة في حقهم."

ولفت هنا إلى أنّ "ما قامت به المقاومة الفلسطينية فيما يعرف بعملية "طوفان الأقصى" هو فخرٌ للمقاومة الفلسطينية، التي تثبت في كل مرة بأنّ الشعب الفلسطيني متمسكٌ بحقه في تحرير أرضه مهما كلفه ذلك من تضحيات."

إعادة بعث مقترح قانون تجريم التطبيع

وفي السياق، يكشف النائب عن حركة مجتمع السلم يوسف عجيسة في تصريح لـ "الترا جزائر" عن بداية التحضير لإعادة بعث مقترح مشروع قانون يُجرّم التطبيع مع "إسرائيل" بالمجلس الشعبي الوطني، مؤكدًا أنّ "الوقت قد حان لتجريم خطوات التطبيع، لاسيما بعد الأحداث الأخيرة التي عرفتها فلسطين، واستمرار العدوان على قطاع غزة."

وأوضح النائب صاحب مقترح قانون تجريم التطبيع أنّ نواب كتلة "حمس" سيُعِيدون بعث المقترح من جديد خاصة في ظل استمرار العدوان على فلسطين وتنامي خطوات التطبيع مع هذا الكيان بالنسبة للعديد من الدول العربية.

وقال عجيسة، إن مقترح القانون الذي سبق وأن تم إيداعه بالمجلس الشعبي الوطني دون أن يرى النور إلى يومنا هذا، يتضمن 7 مواد رئيسية أهمها المادة الأولى للمقترح، التي تنص على أن "الهدف من هذا القانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني"، وجاء في عرض أسبابه أنه "يسعى لتحصين الموقف التاريخية للدولة الجزائرية الرافضة للتطبيع".

ونصّ المقترح على منع التعامل مع الكيان الإسرائلي أو إقامة أي اتصالات أو علاقات معه أو فتح مكاتب تمثيل من أي نوع وعلى أي مستوى كان مع الصهاينة بطرق مباشرة أو غير مباشرة.

كما ينص المقترح: "يمنع على كل شخص أن يعقد بالذات أو بالوكالة اتفاقًا مع هيئات أو أشخاص مقيمين بالأرض المحتلة أو منتمين إليها بجنسياتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، حتى لو كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل يشمل أي قطاع أو مجال آخر أيا كانت طبيعته".

ويمنع المقترح وفق ذات المصدر "السفر من وإلى الكيان الصهيوني وإقامة اتصالات ولقاءات مع الهيئات والأشخاص"، كما يمنع "دخول أو استقبال حاملي جنسية الكيان الصهيوني في الجزائر أو مقرّات وفروع البعثات الدبلوماسية التابعة له."

ويُمنع وفق ذات المقترح، من المشاركة في أي نشاط يقام بالكيان الصهيوني سواءً كان سياسيًا أو أكاديميًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا أو فنيًا ورياضيًا تُنظِّمُه جهات رسميّة أو غير رسميّة.

كما يمنع المقترح مستخدمي الشبكة العنكبوتية أو وسائط الاتصال الإلكتروني من التعامل والتعاقد مع المواقع أو الخدمات الإلكترونية المنشأة في "إسرائيل" والتابعة لها.

مراجعة اتفاقيات التطبيع

أما حركة البناء الوطني، فتؤكّد أنّ موقفها من مقترح قانون التطبيع يُطابق موقف الدولة الجزائرية، التي تنبذُ كل ما له علاقة بـ"إسرائيل"، بحسب ما جاء على لسان النائب عن حركة البناء الوطني، سعيد نفيسي.

وشدّد نفيسي على أنّ "رفض التطبيع في الجزائر ليس بحاجة لنص قانوني يتحكم فيه، فهو رفض منطقي وصارم لدى الدولة والطبقة السياسية والشعب."

وفي السياق يقول النائب عن حركة البناء الوطني إنّه "في حال طرح هذا القانون في المستقبل القريب للنقاش في البرلمان، سيتم معالجة المشروع في سياق رسمي ووفق معطيات واضحة."

وتوقع أنّ تقلِب عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في المستوطنات موازين الصراع في المنطقة، داعيًا الدول العربية المُطبّعَة مع "إسرائيل" إلى مراجعة مواقفها من الكيان واغتنام الفرصة لقطع العلاقات مع هذا المستوطن الغاشم الذي لم يستطع حتى حماية نفسه.

وشدّد نفيسي على أن موازين القوى ستتغيّر بالشرق الأوسط، وأن الأمر لا يتعلق فقط بفلسطين وحدها وإنما كل الدول العربية هناك، ليعود ويُشيد بالمقاومة الفلسطينية، ويندّد في نفس الوقت بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

وأوضح النائب نفيسي لـ "الترا جزائر" أنّ الاعتداءات المتكررة في حق الشعب الفلسطيني والتي ازدادت حدتها نتيجة التواطؤ والحماية الدولية والإقليمية لهذا الكيان دفع بالأحرار في فلسطين للرد بقوة ورفض السكوت على هذه الانتهاكات المتكررة.

مضيفًا: "من المنتظر أن تقلب هذه الانتفاضة، التي سُمِيت بطوفان الأقصى الطاولة على الكيان وحلفائه وينتقل الرعب إلى الجانب الإسرائيلي بدل الفلسطيني".

ودعا ممثل حركة البناء الوطني في نفس الوقت الدول العربية والإسلامية للتّجنُّد وإنقاذ قطاع غزة خاصة وأن "إسرائيل" بعد عملية الطوفان ستفرض حصارًا على القطاع، الذي يضمُّ أزيد من مليوني فلسطيني بحاجة للغذاء والدواء.