24-مارس-2024
فتوى

جلسة من الفتوى المباشرة التي أطلقتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف (الصورة: فيسبوك)

كثيرًا ما تُراوِد الجزائريين خلال شهر رمضان أسئلة كثيرة تخصُّ الجانب الديني ومدى مشروعية العديد من الممارسات والتصرفات التي  تظهر بالنسبة لهم مختلفة خلال شهر الصيام.

محمد زغداني لـ "الترا جزائر": الفتاوى المستعصية والمعقدة التي تستقبلها اللجنة المكلفة بالرد على تساؤلات الجزائريين تُحال على هيئة الإفتاء 

يلجأ الكثيرون منهم إلى طلب الفتوى حول البنوك وقروض السيارات ومشاريع دعم الشباب ومسائل الحيض والنِفاس وقضايا التجارة وصيام المرضى وغيرها من المواضيع التي تطغى كل عام على فتاوى رمضان.

ويضطر هؤلاء للاستفسار إمّا من الجهات الرسمية عبر تطبيق جديد أطلقته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف هذه السنة لأوّل مرة تحت تسمية "ويباكس" (webex) يحمل في الهواتف النقالة، ويكون موصولًا مع مكاتب الفتوى، أو بالتوجه مباشرة إلى المساجد لطلب الفتوى من الأئمة هناك.

ورغم أن التطبيق الذي أطلقته الوزارة جديد وحديث من نوعه حيث لم يسبق اعتماده من قبل في الجزائر، إلّا أن الجزائريين يطلبون يوميًا من خلاله ما متوسطه 80 فتوى، وهو رقم معتبر كبداية لرقمنة الفتوى، حيث يعمل المتخصصون على الإجابة عليها بشكل دقيق وسريع ليكونوا عند حسن ظن المواطن.

فتوى
لجنة الفتوى ترد على أسئلة الجزائريين في رمضان 

وتماشيًا مع ارتفاع عدد طلبات الفتوى لدى الجزائريين خلال الشهر  الفضيل، سارعت السلطات الجزائرية ممثلة في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إلى تنصيب 38 إمامًا مفتيًا عبر ولايات الوطن، إضافة إلى تفعيل دور المجالس العلمية الولائية ومكاتب الإفتاء على مستوى المديريات التابعة لقطاع الشؤون الدينية للرد على انشغالات المواطنين الذين يرغبون في الحصول على فتوى تنهي شكوكهم حول بعض المسائل الدينية.

"الترا جزائر" تقرّب من لجنة الفتوى المنصبة على مستوى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف والتي تتكفل بمتابعة الفتاوى المباشرة سواءً عبر اتصالات هاتفية أو عبر بث مباشر عبر التقنية الرقمية (webex)، التي  يكون التواصل فيه مرئيًا ومباشرًا بين المفتي وطالب السؤال، واطلع على أهم الأسئلة التي لا يزال الجزائريون يطرحونها على الشيوخ بخصوص شهر رمضان.

الجزائريون يستفتون الشيوخ

وتمحورت جل الأسئلة الواردة إلى اللجنة المكلفة بالرد على انشغالات المواطنين خلال شهر رمضان  حول مبطلات الصيام والكفارات وأحكام الصلاة وقروض السيارات والميراث والطلاق واللحوم المستوردة، إضافة إلى آلاف الرسائل الإلكترونية والاتصالات المباشرة التي تستقبلها لجنة الفتوى على مستوى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.

وفي هذا الأطار، كشف، المدير الفرعي للتوجيه الديني والنشاط المسجدي على مستوى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، عبد القادر قشة، في إفادة لـ"الترا جزائر" أن لجان الفتوى المكلفة بالرد على انشغالات الجزائريين خلال شهر ترد على كافة التساؤلات على مدار 24 ساعة.

وأوضح المتحدث أن التقنية الجديدة التي أطلقتها الوزارة في إطار رقمنة قطاعها وتسهيل عملية الرد على فتاوى المواطنين سيكون لها صدى إيجابي والدليل أن اللجنة استقبلت منذ بداية الشهر الفضيل آلاف الأسئلة بمعدل قارب ما بين 50 إلى سؤال يوميًا.

النساء أكثر طلبًا للفتوى

رصد "الترا جزائر" خلال مرافقته للجنة الفتوى العديد من الملاحظات المتعلقة بالفتاوى الواردة للشيوخ سواء عبر التطبيق المباشر أو من خلال الاتصالات الهاتفية أو حتى عبر الأسئلة الواردة إلى اللجان الفرعية بالولايات بأن النساء أكثر طلبًا للفتوى، والتى غالبًا ما تتعلق بالأعذار الشرعية التي تمنع المرأة من أداء العبادات على غرار الصوم والصلاة وقراءة القران.

أما الفئة الثانية فهم المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية، فهؤلاء يستفتون الأئمة حول بعض المسائل، خاصة ما تعلق بالفدية أو ما يُعرف بإطعام مسكين عن كل يوم أفطر فيه. إضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بما يترتب عن أضرار الصيام في حالة المرض والحكم الشرعي في هذه الحالة.

ومن بين الأمور التي تم الوقوف عليها تبين أن العاصميين هم الأكثر طلبًا للفتوى عبر التطبيق الجديد تليها بعض الولايات الشرقية والداخلية ومن بين أبرز النقاط التي تساءل حولها المواطنيون قضية اللحوم المستوردة مؤخرًا من البرازيل وإسبانيا فهل أكلها حلال أم حرام؟

هذا مصير الفتاوى المستعصية

أما بخصوص الفتاوى المستعصية، فقد كشف، محمد زغداني، مدير فرعي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف لـ "الترا جزائر" أن الفتاوى المستعصية أو تلك المعقدة التي تستقبلها اللجنة المكلفة بالرد على تساؤلات الجزائريين أو تلك التي يتم تليقها عبر التطبيق الجديد يتم إحالتها على اللجنة الوزارية للفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، هذه الأخيرة التي تتكفل بالرد على هذه الانشغالات والافتاء فيها.

وأوضح زغداني أن "هذه اللجنة المكونة من شيوخ وأئمة وأعضاء دائمين مكلفين بالبت في العديد من الملفات والمسائل يملكون صلاحية الإفتاء، خاصة في القضايا المستعصية. ومعلوم أن هذه اللجنة هي الوحيدة المخول لها بالإفتاء في الجزائر."

وأشار محدثنا إلى أن بعض المسائل تحتاج إلى مناقشة ورأي الشيوخ لِما تحمله من أهمية وحساسية لذلك فإن عدد كبير من الأسئلة خاصة تلك المتعلق بالميراث وبعض المسائل تُحال إلى هذه اللجنة.

جلول جحيمي: رغم التطور التكنولوجي وامتلاك عدد كبير من المواطنين لوسائل التواصل الحديثة إلّا أن الكثير من الجزائريين يفضلون الفتوى المباشرة في المساجد

وغير بعيد عن ذلك يفضل كثيرون الفتوى مباشرة وجهًا لوجه بالمساجد، حيث يؤكد من جانبه الأمين العام لفدرالية الأئمة وموظفي الشؤون الدينية جلول حجيمي، في حديث مع "الترا جزائر" أنه رغم التطور التكنولوجي وامتلاك عدد كبير من المواطنين لوسائل التواصل الحديثة إلّا أن الكثير من الجزائريين يفضلون الفتوى المباشرة. أي وجهًا لوجه مع المُفتِى أو الإمام، حيث لايزال أئمة المساجد سواءً في الأيام العادية أو خلال شهر رمضان يطلبون فتوى الإمام حول بعض المسائل الدينية خاصة في الشهر الفضيل.

ويقول حجيمي: "هؤلاء تراهم يسارعون نحو الإمام بمجرد الانتهاء من الصلاة للاستفسار وطلب فتوى خاصة ما تعلق ببعض الأخطاء المرتكبة خلال الصيام كشرب الماء خطأ وما حُكم ذلك أو ما تعلق بموعد السحور وتوقيت الإمساك. وبعض الاستفسارات المتعلقة بصلاة التراويح وقراءة القرآن."

ويبقى ملف الفتوى يحتل أهمية كُبرى في يوميات الجزائري الصائم خلال شهر رمضان، فبين الفتاوى الرقمية التي تعتمد على التكنولوجيا العالية والفتاوى المباشرة التي يتلقاها الباحثون عنها في المساجد، يجد الصائمون ضالتهم بمجرد الإجابة عن الأسئلة التي تؤرقهم و تمنعهم من تمضية شهر صيام مريح.