يكشف بيان السياسة العامة الذي عرضه الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن، أمام مجلس الأمة وقبله المجلس الشعبي الوطني، عن خطوات رسمية منتظرة في القريب العاجل لفتح رأسمال بنكين عمومين وهما القرض الشعبي الجزائري (CPA) وبنك التنمية المحلية (BDL).
هادف لـ "الترا جزائر": فتح رأسمال البنوك سيسمح للمؤسسات المالية الجزائرية باكتساب الخبرة عالمية في التسيير تمكنها من التعامل مستقبلًا مع بنوك أجنبية
ويُرتقب الشروع في بيع سندات البنك الأول مطلع الشهر الجاري في حين ستتواصل عملية فتح رأس المال بالنسبة للبنك الثاني إلى مطلع السنة الجديدة 2024، وستتم عملية فتح رأسمال البنكين عبر البورصة، من خلال عرض سندات للبيع أمام الجمهور.
ويهدف القرار حسب السلطات إلى تحسين جودة الخدمات وضخ أموال جديدة للمؤسستين الماليتين، وسيتحسس زبائن البنوك ذلك من خلال مزايا جديدة في التمويل والادخار، في حين لن تتجاوز عملية فتح رأس المال الـ20 بالمائة من السندات الإجمالية للبنكين، فما هي تفاصيل مزايا هذا القرار؟ ولماذا تم اختيار بنكي "CPA" و"DBL".
ضرورة..
ويرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف، في تصريح لـ"الترا جزائر" أنّ قرار فتح رأسمال البنكين المعنيين يندرج ضمن مساعي الدولة لعصرنة المنظومة المالية والبنكية في البلاد خاصة أن بنكي (CPA) و(BDL) سيكونان بنكين عموميين نموذجيين، سيخضعان للتجربة التي قد تتوسع مستقبلًا لبنوك أخرى.
فلابد حسب هادف، أن "تنفتح هذه البنوك اليوم، على معايير الحوكمة والتسيير الدولي"، مشدّدًا على أنّ "فتح رأسمال البنوك سيسمح للمؤسسات المالية الجزائرية باكتساب الخبرة العالمية في التسيير خاصة وأن هذه البنوك سيتسنى لها التعامل مستقبلًا مع بنوك أجنبية أو حتى تلك التي تمتلك رأسمال خاص."
ما يعني وفق الخبير "اكتِسابِها لمزيد من الخبرة وكذا تحسين خدماتها، والذهاب نحو استقطاب رؤوس أموال جديدة، والدخول في سوق المنافسة العالمية، ويأتي ذلك في وقت تبحث الجزائر عن الانفتاح على الأسواق الدولية."
ويذهب هادف أبعد من ذلك مؤكدًا أنّه "من الضروري فتح رأس مال البنوك واعتماد المعايير الدولية في تسيير المؤسسات المالية خاصة مع بروز نوع جديد من الخدمات البنكية أو ما يعرف بالتكنولوجيات المالية التي أضحت تنافس المؤسسات المالية التقليدية".
ويقول في نفس السياق إنّه "وجب التوجه نحو عصرنة حقيقية للمنظومة البنكية في الجزائر لاسيما المصارف العمومية عبر المطالبة بتغيير نظام حوكمتها وذلك لمواكبة التحولات التي فرضتها التكنولوجيات الجديدة ".
ويجزم الخبير الاقتصادي إلى أنّ "اعتماد معظم البنوك الدولية على الذكاء الاصطناعي وكل ما هو متعلّق بعلم البيانات أو ما يسمى علم المنظومات المعلوماتية "بلوك شين" (Blockchain) و"بيغ داتا" (Big Data) اللتان أصبحتا تسيطران على مجال المصارف المركزية، يفرض على البنوك الجزائرية خاصة التجارية منها ان تواكب هذا التطور وتستعد لهذا الحدث الذي من شأنه أن يُحدِث ثورة في القطاع المصرفي لاسيما البنوك التجارية".
فائدة بنكية
أما الخبير المالي أبو بكر سلامي، فيتحدث عن جملة من المزايا سيستفيد منها بنكي القرض الشعبي الجزائري والتنمية المحلية بعد فتح رأسمالهما قريبًا.
ويشدّد سلامي في حديثه لـ"الترا جزائر" على أن تطوير قطاع البنوك في الجزائر، ينطلق أساسًا من تحرير المبادرات وفرض الرقابة البعدية، والعمل على جعل البنوك مؤسسات اقتصادية لا تخضع إلّا لقواعد اقتصاد السوق عبر تقديم أحسن وأسرع خدمة مالية.
ويضيف المتحدث أنّ أهم المزايا التي سيستفيد منها البنكين المعنيين بفتح رأسمالهما هي تطوير القوى العاملة، وتحسين إدارة المخاطر، وتطوير وتوسيع استعمال بطاقات الائتمان، والعمل كذلك على الحد من التفاوت الكبير في الحجم بين المصارف، والسعي للتوسع أكثر في مجالات الإقراض للشركات الخاصة والمؤسسات العمومية، وهو البرامج التي يفترض أن يساهم بها الشركاء الخواص الجدد المنتظرين في القطاع البنكي، وتحديدًا مع القرض الشعبي الجزائري (CPA) وبنك التنمية المحلية (BDL).
ويؤكد المتحدث أن إصلاحات القطاع المصرفي في الجزائر، ينبغي أن تتصدر أولويات الحكومة لعلاقتها الوطيدة بتمويل الاقتصاد وتسهيل المعاملات المالية، فمن الضروري الاستمرار في إصلاح القطاع المصرفي والمالي في البلاد من خلال معالجة أبرز التحديات التي تواجه هذا المجال.
وحسب أبو بكر سلامي فإن فتح رأسمال البنوك في الجزائر سواء للخواص أو الشركات العمومية أو الأجانب يندرج في إطار تحرير القطاع الاقتصادي و المالي، وكذا التماشي مع التطورات التي يشهدها العالم لإعطاء القطاع البنكي الديناميكية و التفتح والخروج من سياسة التقوقع وأبوية الدولة للبنوك.
ويضيف المتحدث: "لذلك من الضروري الاستفادة من تجارب البنوك الأجنبية لأن نجاح سياسة الاستثمار تتطلب الانفتاح والمرونة والسرعة والتنوع وبدون ذلك لن يكون هناك استثمار ناجح".
لا خوف على مناصب العمال
يرى الخبير الاقتصادي، حمزة بوغادي، أن قرار فتح رأسمال البنوك العمومية سيكون له أثر إيجابي على وضعية العمال لاسيما ما تعلق بالأجور ونوعية التكوين الذي سيتلقاه الإطار البنكي، نافيًا أي مخاطر يمكن أن يتعرض لها موظفو البنوك كالتوقيف عن العمل أو خفض الأجور.
وأوضح بوغادي أنّ "مثل هذا القرار الذي سيمس كمرحلة أولى بنكين فقط، يحمل في طياته العديد من الجوانب الإيجابية، فإضافة إلى تحسين نوعية الخدمات ومواكبة التطور الحاصل في البنوك العالمية سيحظى العامل في هذه البنوك بفرص جديدة من أجل تحسين مستواه خاصة وأن فتح رأسمال البنوك يعني تدعيم هذه الأخيرة بوسائل أكثر تطورًا".
كما أنّ مردودية هذه البنوك، وفق محدّث "الترا جزائر"، سترتفع وتتحسن لأنّ هذه المؤسسات المالية ستكون أكثر نشاطًا، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على أجور العمال.
وأضاف بوغادي أنّ فتح رأسمال البنوك هو إجراء يرمي لهدفين الأول الحصول على مصادر تمويل بعيدًا عن الخزينة العمومية والثاني تحريك البنوك للعب دورها الاستثماري في تمويل المشاريع وكلها عوامل تصب في صالح العمال.