27-يناير-2023

يُجمع كثير من المتابعين، أن مشروع قانون قانون الإعلام الجديد المتعلق بالنشاط السمعي البصري، يشمل  أصحاب الصفحات على يوتيوب وانستغرام، الخاضعين حاليًا للقانون التجاري، حيث سيلتزم هؤلاء مستقبلًا بقوانين تفرض إجراءات رقابية على هؤلاء، رغم  أن القانون لم يوضح بشكل نهائي المعنيين بهذه الرقابة.

يثار جدل حول فحوى هذا القانون وعن تأثير مثل هذه الإجراءات على حرية الرأي والتعبير في البلاد

إلى هنا، يُثار جدل حول فحوى هذا القانون، وعن تأثير مثل هذه الإجراءات على حرية الرأي والتعبير في البلاد، وإن كانت الرقابة ستطال أيضًا أصحاب الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي، في مقابل ذلك، يرى آخرون بضرورة تنظيم هذا المجال بعد انتشار صفحات تصنع الرأي العام بمضامين لا تتناسب مع التقاليد المجتمعية.

في هذا السياق، أدرج مشروع القانون الجديد المتعلق بالنشاط السمعي البصري الموجود حاليًا قيد الدراسة بالمجلس الشعبي الوطني، مادة قانونية تتحدث عن ممارسة "نشاط متعامل المنصات الرقمية في الجزائر"، وذلك لأول مرة وسط غموض حول هذا المصطلح وهل سيشمل ما يُعرف بـ "المؤثرين" بعيدًا عن أية رقابة تمس مضامينهم.

وتؤكد المادة 24 من مشروع قانون السمعي البصري، "إخضاع هذه المنصات لما يسمى ببث المضامين السمعية البصرية وفق شروط، تحدد عن طريق التنظيم مستقبلًا"، أي إخضاع ممارسيها لرقابة وإجراءات ضابطة.

وتنص المادة ذاتها: "يتحمل متعامل المنصة الرقمية لبث المضامين السمعية البصرية والناشر السمعي البصري مسؤولية المضامين التي تبث عبر المنصات الرقمية للمضامين السمعية البصرية"، حيث تتولي السلطة المستقلة في مشروع قانون السمعي البصري الجديد، مهمة مراقبة المضامين التي تبث عبر المنصات الرقمية.

كل ذلك جعل التساؤلات تحوم اليوم حول مفهوم المنصات الرقمية، وهل ستدرج هذه المادة أصحاب صفحات اليوتوب والانستغرام،في ظل غياب قانون يؤطر المضامين، واكتفاء السلطات بإخضاعهم للقانون التجاري، رغم أنهم لا يسددون الضرائب إلى اليوم ولا يشتغلون وفق سجل تجاري.

ماذا تضمنت المادة 24؟

وجاء في عرض أسباب المادة 24 من مشروع قانون السمعي البصري الذي تحصلت "الترا جزائر" على نسخة منه أن: "السلطة المستقلة مطالبة بالسهر على احترام خدمات الاتصال السمعي البصري الواردة في دفتر الشروط، وهذا قصد التصدي لأي انحراف قد يعيق السير الحسن للنشاط السمعي البصري بمجمله والحفاظ على مصالح كافة الجهات المعنية".

ورغم أن المشروع الجديد المطروح على مستوى البرلمان لم يوضح بشكل ينهي الجدل فئة المعنيين بالرقابة على المضامين واختصارها فقط في أصحاب المنصات الرقمية، يذهب خبراء ونواب ومختصون في الإعلام إلى القول بأن أصحاب الصفحات المليونية على الانستغرام واليوتيوب، الخاضعين حاليًا للقانون التجاري معنيون أيضًا بالإجراء الجديد، لاسيما وأن الجزائر قد سجلت مؤخرًا حالات مشابهة تحول فيها المؤثرون إلى صناع رأي دون سند قانوني، يحمي المتلقي الجزائري من الأفكار الهدامة، على حد تعبيرهم.

وفي السياق يقول النائب بن حمودة محمد بن يزيد في تصريح لـ"الترا جزائر" إنه قبل الحديث عن إخضاع أصحاب المنصات الإلكترونية الى سلطة ضبط السمعي البصري، يجب التأكد من حصول هؤلاء على تصريح، بحكم أن أغلبهم ينشطون بطريقة غير قانونية، ويصعب إخضاعهم مستقبلًا للرقابة، ما يعني أن التحدي المقبل مرتبط بمدى قدرة السلطات على احتواء هؤلاء في إطار قانوني منظم.

ويضيف النائب "ببساطة الحديث عن التحكم في مضمون أي نشاط على هذه الشاكلة لن يكون له جدوى في حال كان غير قانوني، ولا يحوز صاحبه على تصريح، وهذا ما ينطبق على أغلب أصحاب المنصات الإلكترونية أو ما يعرف بالمؤثرين".

وبالمقابل، يتحدث الدكتور وعميد كلية الإعلام سابقًا أحمد حمدي عن دخلاء ولجوا عالم الإعلام وباتوا يتحدثون كصحفيين، واستحدثوا مصطلحًا لا يمثلهم تحت تسمية "صحافة المواطن".

ويشدد حمدي في تصريح لـ"الترا جزائر"، على أن قانون الإعلام الحالي يضع شروطًا واضحة تحدد من هو الصحفي منها ضرورة أن يكون حائزًا على الخبرة والتكوين اللازمين، لكن الشيء الملاحظ اليوم أن الساحة الإعلامية في الجزائر باتت غير مضبوطة، ففضلًا عن دخلاء الصحافة نجد اليوم المؤثرين الذين أصبحوا يمارسون مهنة الإعلام بطريقة أخرى، وتحول إسم الصحفي عند هؤلاء إلى "الصحفي المواطن" متجاهلين أنه حتى المصطلح الأخير، يحتاج الى شروط وقواعد تضبط نشاطه.

ويعتبر أحمد حمدي، أن إشكاليات جديدة تطرح اليوم في الساحة الجزائرية حول من هو الصحفي أو الاعلامي؟، هل هو صحفي مؤثر أو إعلامي مؤثر، أو مواطن مؤثر؟، لذلك وجب تحديد هذه المفاهيم عبر نص القانون الجديد.

ويستطرد المتحدث أنه "في وقت سابق، كانت كلمة صحفي تشمل الجميع بما فيها المصور، المخرج، لكن اليوم هناك أشخاص دخلاء يهددون المجتمع وجب ضبطهم وتحديد الى أي جهة ينتمي هؤلاء".

الإعلام الجديدـ بحسب عميد الكلية السابق، لا يعرف لغة الحدود والمسافات، فتجد شخصًا في دولة أخرى يصنع رأي عاما في الجزائر وهذا ما تم ملاحظته مؤخرًا، بحيث أصبح ملف الإعلام صعبًا وشائكًا، ويتطلب قبل تمريره في البرلمان استدعاء مختصّين لقول كلمتهم في الموضوع، على حد قوله.

وواصل أحمد حمدي حديثه قائلًا: "يمكن للقانون الجديد في حال طبق أن يضبط هؤلاء المؤثرين الذين يمكن تشبيهم بالصحافة الصفراء، لكن من نوع آخر، فهم خطر على الرأي العام الجزائري بسبب محتوى البعض منهم".

على خلاف ذلك، كتب الصحافي علي جري، في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في سياق حديثه عن قانون الإعلام، أنه منذ صدور قانون الإعلام المؤسس للتعددية الإعلامية سنة 1990، لم تكتمل بعد المنظومة القانونية والأطر التنظيمية التي تضمن ممارسة المهنة وفق المعايير المعروفة: حرية، مسؤولية ، مهنية، قواعد وأخلاقيات المهنة ، منافسة شريفة".

نواب يتحركون

من جهتها، تؤكد النائبة عن حركة مجتمع السلم زكية بوقطوشة، والتي تشغل أيضًا منصب عضو لجنة الاتصال والثقافة والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني أن نص مشروع القانون الجديد الخاص بالسمعي البصري  الموجود حاليًا على مستوى لجنة الاتصال بالبرلمان يكتنفه بعض الغموض، خاصة فيما يتعلق بالمواد التي تتحدث عن  أصحاب المنصات الرقمية وطريقة ضبط عارضي المحتويات، لاسيما ما يعرف منهم بالمؤثرين وأصحاب الصفحات الميلونية.

وتقول المتحدثة في تصريح لـ"الترا جزائر" أنه بصفتهم النيابية وعضويتهم في اللجنة سوف يقدمون مقترحًا لتعديل صياغة بعض المواد لجعلها أكثر وضوحًا، وأعطت بوڨطوشة مثالًا عن المادة التي تتناول مسألة ضبط محتوى السمعي البصري، سواءً تلفزيون أو منصات إلكترونية مصرحة: "طالبنا بإدماج سلطة ضبط السمعي البصري بالصحافة المكتوبة كي تكون أكثر فاعلية في مراقبة المحتوى، وقدمنا أيضا مقترحًا لرفع عدد أعضاء سلطة ضبط السمعي البصري من عضوين إلى 50 عضوًا".

وتضيف النائبة: "من غير المعقول أن يتابع شخصان فقط محتوى القنوات بالإضافة إلى المنصات الإلكترونية"،وحسب المتحدثة فإن هذا الأمر غير منطقي.

النائبة زكية بوقطوشة: البرلمانيون سوف يسعون من أجل إعادة صياغة بعض المواد التي لا تصب في مصلحة الصحفي والرأي العام

وختمت بوقطوشة حديثها بالقول إنهم بصفتهم نوابًا سوف يسعون من أجل إعادة صياغة بعض المواد التي لا تصب في مصلحة الصحفي والرأي العام، خاصة قضية ضبط المؤثرين الذين باتو يغزون المواقع دون حسيب أو رقيب، لتضيف: "هناك من يدعي أنه صحفي ويقدم محتوى للجمهور، لذلك أرى أن بعض مواد القانون الجديد يجب أن تضبط وتوضح، ليزال عنها الغموض والإبهام".