15-فبراير-2024
الولادات القيصرية في الجزائر

تضاعفت نسبة اللجوء إلى الولادة القيصرية في الجزائر (صورة تعبيرية)

تُستخدم عملية الولادة القيصرية لتوليد الجنين من خلال شق جراحي يُفتح في البطن والرحم. ويكون اللجوء لعملية الولادة القيصرية ضروريًا في حالة تأكد حدوث مضاعفات معينة أثناء الحمل أو إمكانية وجود خطر على الأم والمولود في حال كانت الولادة الطبيعية.

منظمة العالمية للصحة توصي بعدم تجاوز الولادات القيصرية نسبة 15 بالمائة من مجموع الولادات بأي دولة

وفي حين أن المنظمة العالمية للصحة توصي بعدم تجاوز الولادات القيصرية نسبة 15 بالمائة من مجموع الولادات بأي دولة، وصل المعدل في الجزائر إلى ما بين 60 و 70 بالمائة من مجموع الولادات المسجلة على المستوى الوطني، وهو ما يراه رئيس الجمعية الوطنية للمختصين في طب النساء والتوليد الخواص، الدكتور عبد النور يوسف خوجة "مبالغا فيه".

ويرجع ذلك في الأساس، إلى تفضيل الحوامل اللجوء إلى الولادات القيصرية تفاديا لآلام الولادة الطبيعية، وقبول الأطباء ممارستها بسبب نقص التكوين والمكونين من  قابلات والأطباء الأخصائيين، وهو ما يعود سلبا على صحة الأم والمولود وقد يؤدي إلى تعقيدات تصل حتى الوفاة أثناء الولادة أو بعد الوضع، وعلى الأطباء الممارسين حيث  تتسبب بحسبهم  نتيجة بعض التعقيدات الطبية لا دخل لهم فيها.

وفي هذه النقاط، سنتعرف على أضرار الولادة القيصرية على صحة الأم والرضيع معا، والتي بسبب تداعياتها لا ينصح بها إلا في حالات الضرورة  الطبية :

مشاكل في التنفس عند الرضيع

يزداد خطر الإصابة بضيق التنفس عند الولادة عند الأطفال المولودين عن طريق العملية القيصرية خاصة إذا تمت  قبل الأسبوع التاسع والثلاثين من انقطاع الطمث، وهو أعلى بسبع مرات مما يكون عليه بالولادة الطبيعية،  لهذا السبب  يتم وضع هؤلاء الأطفال حديثي الولادة على الأكسجين لمنع هذه المشكلة.

كما أن الأطفال الذين يولدون بعملية قيصرية مخطط لها قبل موعد الولادة، يكونون أصغر حجمًا، ولديهم منعكس مص أقل وضوحًا ويطلبون الطعام بشكل أقل، وقد أظهرت العديد من الدراسات وجود صلة بين الولادة بعملية قيصرية مخطط لها وظهور اضطرابات الحساسية أثناء الطفولة، خاصة الحساسية الغذائية والتهاب الأنف التحسسي،  لأنهم يفتقرون للميكروبات  المعوية التي يكتسبها الأطفال الذين يولدون بشكل طبيعي بعد الاتصال بميكروبات المهبلية لأمهم، ناهيك عن أن الأطفال الولادة القيصرية  أكثر عرضة للإصابة بالربو أثناء الطفولة،  بسبب انخفاض درجة نضج رؤتيهم عند الولادة.

ضعف جهاز المناعة عند الرضيع

أظهرت العديد من الدراسات أن طريقة الولادة تلعب دورًا حاسمًا في تكوين الكائنات الحية الدقيقة لدى الرضع؛ فالكائنات الحية الدقيقة في الفم والجلد لدى الأطفال الذين يولدون بعملية قيصرية مكونة من بكتيريا موجودة على جلد الأم وفي بيئة المستشفى، وهي لا فائدة منها ومضرة أحيانا وأقل وفرة ولها تكوين مختلف عن أولئك الذين يولدون عن طريق المهبل، حيث يتم استعمارهم  بواسطة البكتيريا النافعة (العصية اللبنية) الموجودة في مهبل الام. بعد ذلك، تتطور الكائنات الحية الدقيقة لدى الطفل وتتنوع تدريجيًا خلال الأيام والأشهر الأولى من حياته من أجل التكيف بشكل أفضل مع أجزاء جسمه المختلفة.  ويحدث هذا التنويع بشكل أبطأ عند الأطفال الذين يولدون بعملية قيصرية. 

وأكدت الدراسات الوبائية ان جودة الاستعمار البكتيري الأول لها دور حاسم في تشكيل وتطوير جهاز المناعة، وارتبط زيادة خطر الإصابة بأمراض المناعة والحساسية بالأشخاص المولودين بعملية قيصرية بنسب تتراوح من +18٪ إلى 31٪، لأنهم لايحصلون  على نفس كمية البكتيريا المفيدة من قناة الولادة مثل الأطفال المولودين بشكل طبيعي، مما قد يؤثر على نمو جهاز المناعة لديهم.

مضاعفات صحية  متعددة عند الأم

بالاضافة الى الالم والمغص الذي يكون بعد انتهاء مفعول المخدر هناك عدة مضاعفات قد تكون خطيرة على صحة الأم، ومنها خطر إصابة الجرح والرحم بالعدوى لهذا توصف المضادات الحيوية لمنع العدوى أو إزالتهامباشرة بعد الولادة ، ويزداد خطر حدوث مشاكل النزيف والتخثروهو من المضاعفات التي تضطر الأم للعودة إلى المستشفى لاحقا، وعادة ما يكون فقدان الدم أكبر بعد الولادة القيصرية منه بعد الولادة المهبلية مما يؤدي إلى نقص الحديد، ولهذا يصف الطبيب أقراص الحديد. وكما هو الحال مع أي عملية جراحية اخرى، يسبب التخدير ومسكنات الألم الإمساك والذي يستدعي تناول الدواء للتخلص منه.

وأما على المدى البعيد، الولادة القيصرية الواحدة تزيد احتمالية الحاجة إلى ولادة قيصرية في حالات الحمل اللاحقة، لأن الولادة الطبيعية بعد ولادة قيصرية تزيد خطر تمزق الرحم نتيجة للتقلصات التي يمكن أن تمزق الجرح، بالاضافة الى مشاكل المشيمة التي  تلتصق بجدار الرحم بشكل غير طبيعي في حالات الحمل اللاحقة.

اكتئاب مابعد الولادة القيصرية

يحدث هذا الاضطراب النفسي عندما تكون العملية القيصرية غير مبرمجة، وإنما نتيجة ظرف مستعجل بسبب مخاوف من مضاعفات صحية على  الجنين مثل نفاذ الأكسجين أو عند الام مثل ارتفاع ضعط الدم، أو بعد فشل محفزات الولادة الطبيعية والطلق الصناعي.

ويؤدي عدم تحضير الأم لذلك إلى دخولها في في حالة نفسية صعبة للغاية سببها الشعور بالذنب والخذلان لعدم قدرتها على الولادة بشكل طبيعي، وقد تتطور الحالة إلى اكتئاب حاد يدوم عدة أشهر. وتتمثل أعراضها في تقلبات مزاجية مفاجئة مثل الشعور بالحزن الشديد ثم الشعور بالسعادة الشديدة، القلق والبكاء دون سبب، وانعدام القدرة على الصبر وتحمل مسؤوليات الطفل.