01-نوفمبر-2023
الخضر

الخضر عبد الباقي، مدير مركز البحوث العربية بنيجيريا (الصورة: فيسبوك)

يزور الجزائر للمرّة الثانية وسجل مشاركته في ندوتي "المشترك الصوفي الأفريقي الجزائري" و"المستعربون الأفارقة" ضمن فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ26، المستمرة إلى السبت المقبل، إنّه الشيخ الخضر عبد الباقي مدير مركز البحوث العربية بنيجيريا.. "الترا جزائر" اغتنم فرصة تواجده في الجزائر وكان هذا الحوار الذي تناول جملة من النقاط تتعلق بمشاركته في معرض الكتاب، وواقع العربية في بلده نيجيريا والقارة السمراء بشكل عام، وكذلك القضية الفلسطينية وما يحدث في قطاع غزة من جرائم صهيونية.

الخضر عبد الباقي لـ "الترا جزائر": فلسطين هي القضية الأولى لكل المسلمين في العالم، ولا جدال في ذلك، إلاّ أنّ طبيعة التضامن يختلف من دولة لأخرى ويخضع لأمور كثيرة

وقال الخضر عبد الباقي حول حضوره في معرض الكتاب الـ26 إنّه "تشّرف كثيرًا بدعوة وزارة الثقافة له، شاكرا إيّاها وشاكرا محافظة الصالون، وأنّ التظاهرة ثقافية بامتياز وحضور الفاعلين في الفضاء الثقافي بشكل عام مميز، والحضور الإفريقي كان لافتا، فضلا عن تنوع حقول المشاركين من كتّاب الرواية والشعر والقصة، والمثقفون الأنجلوفونيين والفرانكوفونيين والمستعربين، بغض النظر عن أساس المعرض هي الكتب."

بانر

من هم المستعربون الأفارقة؟

وبخصوص "المستعربون الأفارقة" التي كانت عنوان ندوته، أوضح الخضر مدير المركز النيجيري للبحوث العربية إنّ "المستعربون الأفارقة مصطلح قد يكون جديدا بالنسبة للذين ينتمون للثقافة العربية في البلدان الإفريقية غير الناطقة بالعربية أو التي ليست عربية، أي الذين ثقافتهم عربية ولكنّهم ليسوا عربًا في الأساس."

ووفقه "هؤلاء (يقصد المستعربون الأفارقة) هي قضية تشكل جزءًا من ضمن انشغالات مركز البحوث العربية الذي يديره، والذي يعنى بالثقافة والفكر العربيين في أفريقيا، جنوب الصحراء التي لا تتحدث العربية."

وبحسبه "معاناة، وقضايا "المستعربين الأفارقة"، وواقعهم من الناحية الثقافية، الاجتماعية والوطنية والقانونية والسياسية، هي ما يثير النقاش حولهم، إضافة إلى أنّه سلطّ الضوء على بعض النتاج الثقافي لهؤلاء المستعربين في الخريطة الثقافية العربية خاصة ما ألفّوا وما كتبوا في مجالات متعددة، وكذا نضالهم الفكري الذي يخوضونه في ظل الوضعية الثقافية التي يعيشون فيها، أي في ظل الفضائيين الإفريقيين المفروضين "علينا" في إفريقيا وهما الأنجلوفوني والفرانكوفوني."

اللغة العربية في نيجيريا

وحول واقع اللغة العربية في نيجيريا، على ضوء إدارته لمركز البحوث العربية، أشار إلى أنّ "واقعها جيّد ولا بأس به، ولكن بشكل عام هناك مكتسبات أو نجاحات في مسيرة النضال مقارنة بما هي عليها في الماضي."، بالرغم من وجود تحديات كثيرة مازالت قائمة، لأنّ المستعربين –على حدّ تعبيره- يعيشونها ويواجهونها، وهذا لا يعني أنّه لم يكن هناك إنجاز، بل يتولد من الإنجاز تحدّي آخر يجب الاشتغال عليه وإيجاد السبل للتغلب عليه، غير أنّه في المجمل، مؤشرات العربية ووضعها في بلاده هي ما تقوم به المؤسسات تجاه ترسيخها وترقيتها.

وذكر أنّ "هناك مؤسسات كبيرة لتدريس وتعليم العربية كالمدارس والكليات، والجماعات، لا أتحدث عنها كمادة، ولكن كمؤسسة كاملة لتعليم العربية لتلاميذ الابتدائي والمتوسط والثانوي، كما توجد كلية للغة العربية في الجامعة ومعاهد عليا، إضافة إلى وجود مؤسسات تشتغل بلغتين العربية والانجليزية، العربية والفرنسية."

وكشف في معرض حديثه أنّ المؤسسات التعليمية تنقسم إلى قسمين، المستعربة والمزدوجة (تدرّس بلغتين)، وهنا أقصد إفريقيا التي لا تتحدث العربية وليس في نيجيريا فقط، وهذا من ناحية اللغة المستخدمة ومن ناحية مالكي هذه المؤسسات، حيث توجد مؤسسات تعلّم العربية عمومية ومؤسسات تتبع لجمعيات وهيئات ومنظمات وأفراد، ومؤسسات من خارج نيجيريا.

أمّا المؤسسات المعنية بمسألة النشر والبحث في نيجيريا هناك المراكز البحثية، مثل المركز النيجري للبحث الذي أشرف على إدارته، مركز إحياء اللغة العربية، مركز التراث والبحث ومعهد طيبة ومعاهد أخرى معنية بالبحث والنشر باللغة العربية في نيجريا والبلدان الإفريقية جنوب الصحراء، إضافة إلى وجود أفراد ومنصات، وجمعيات غير رسمية، نادي نيجيريا الأدبي تعنى بالعربية وغيرها. وبالرغم من العربية أكثر زخما في نيجيريا ، لكنّها موجودة في السينغال وغانا وغامبيا والبنين والتوغو.. والإمكانات طبعا تختلف من دولة إلى دولة أخرى.

فلسطين.. والمثقفون الأفارقة

الشيخ الخضر عبد الباقي محمد وهو أستاذ الإعلام الدولي المساعد بكلية العلوم الإنسانية جامعة الحكمة إلورن بنيجيريا، وفي رده على سؤال حول مدى تفاعل المثقفين الأفارقة وخاصة النيجريين مع القضايا العربية وبالخصوص القضية الفلسطينية، أكدّ أنّ "فلسطين هي القضية الأولى لكل المسلمين في العالم، ولا جدال في ذلك، إلاّ أنّ طبيعة التضامن يختلف من دولة لأخرى ويخضع لأمور كثيرة."

وذكر المتحدث "الوضعية السياسية والاقتصادية والقانونية في كل بلد، لكن الذي لا شك فيه أنّ الجميع متضامن مع القضية حتى خارج السياق الديني أي السياق الإنساني، معتقدًا أنه لا يوجد ممن لديه شعور إنساني لا يتضامن مع فلسطين إنسانيًا ولا يُدين ما يحصل اليوم ضد الشعب الفلسطيني من طرف الاحتلال."

وعلق بقوله: "هذه أمور محسومة، لكنّ المسألة تبقى تخضع للمناخ السياسي والقانوني، الذي يسمح بوتيرة التعبير عن هذا التضامن."

وبالنسبة لموقف المثقفين الأفارقة والنيجيريين، أبرز أنّه واضح، فلقد ندّدوا بالعنوان وتضامنوا واستنكروا ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، ومقابل ذلك في موضوع فلسطين خارج المنطقة العربية يخضع لظروف كل دولة."

وشرّح ذلك بمثال عن بلده قائلا: "في نيجيريا هناك مسيحيون يتضامون مع "إسرائيل"، وهذه الوضعية قد تؤثّر من قريب أو من بعيد على مستوى أو وتيرة التعبير الرسمي، ولكن كشعب، المسلمون يتضامون مع فلسطين وهناك مسيحيون أيضًا مساندين لفلسطين، لكن درجة الاستنكار والتضامن تتأثر بالوضعية السياسية أو الموقف الرسمي للدولة الذي يتوافق مع السياسة العامة للدولة."

واعتبر الخضر أنّ "نيجيريا بلدٌ فيه الطائفية مسلمون ومسيحيين، لذلك الدولة تأخذ هذا الموضوع في عين الاعتبار، وبالتالي قد يكون التعبير النيجيري للتضامن قويّ، بينما الاستنكار والإدانة يؤخذان بعين الاعتبار."

للإشارة تتواصل فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ26، التي جاءت تحت شعار "إفريقيا تكتب المستقبل" إلى غاية الـ4 نوفمبر/تشرين الثاني، بمشاركة 1283 دار نشر جزائرية وعربية وأجنبية، وبعرض أزيد من 300 ألف عنوان.