12-أغسطس-2022
الأفلان

(تصوير: بلال بن سالم / Getty)

فريق التحرير - الترا جزائر 

يعتزم حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الأغلبية البرلمانية في الجزائر، إلغاء منصب رئيس الحزب من قائمة هياكله القياديّة، في مسعى منه للتخلُّص من إرث مرحلة "البوتفليقية" .

المشروع التمهيدي للقانون الأساسي للحزب تسعى القيادة من خلاله إلى التخلّص من المرحلة البوتفليقية

وفي وثيقة المشروع التمهيدي للقانون الأساسي يحوز "الترا جزائر" على نسخة منه اختفى هيكل الرئيس من قائمة مؤسسات الحزب الواحد سابقًا، التي تضم اللجنة المركزية والأمين العام.

وعزت لجنة الصياغة المشكلة من كوادر في الحزب قرارها لـ"اختفاء المنصب"، مقترحة تحويل الصلاحيات التي يحوز عليها في القانون الأساسي الحالي وهي سلطة رئاسة المؤتمر واللجنة المركزية واستدعائهما للأمين العام للحزب.

ولم يعرف "الأفلان" رئيسًا له إلّا عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية السابق، لكنّه لم يسبق له أن حضر نشاطاته أو مارس حضوريًا هذه الصلاحيات خلال فترة توليه رئاسة البلاد بين 1999 لغاية استقالته الإجبارية في نيسان/أفريل 2019 بضغط المؤسسة العسكرية والشارع، الذي استفزّه ترشح الرئيس السابق لعهدة خامسة رغم تقدّمه في السن ووضعه الصحي الهش.

الافلان

وترجمت التعديلات المقترحة على القانون الأساسي للحزب، رغبة واضحة في التمكين للأمين العام المقبل بحماية قانونية وصلاحيات إضافية لأجل بَسْطِ سيطرته الكلية عليه. وفي خلفية ذلك، التخلص من هاجس الانقلابات التي عاشها الحزب في الثلاثين عاما الماضية، والتي استفحلت في السنوات العشر الأخيرة، إذ مرّ على الأمانة العامة ستة أمناء عامين منذ 2012 هم: عبد العزيز بلخادم، عمار سعداني، جمال ولد عباس، معاذ بوشارب، محمد جميعي ثم أبو الفضل بعجي (الأمين العام الحالي). فأصبح الأمين العام حاملًا لـ"صفة الممثل الرسمي للحزب أمام مؤسسات الدولة وخارج الوطن"، وليس صفة الناطق الرسمي فقط مثلما هو منصوص عليه في القانون الأساسي الحالي.

وإلى جانب استحواذه، كما ورد سابقًا، على سلطة استدعاء المؤتمر العادي والاستثنائي، سيصبح متاحًا له إنشاء ديوان ملحق به ولجان مؤقتة، وفي العُرف والممارسة السياسية الجزائرية يعني ذلك انشاء فريقٍ بديلٍ للمكتب السياسي، الذي قد لا يكون على وفاق دائم مع أعضاءه.

وفي حالة موافقة هياكل الحزب وغالبيتها موالية للأمين العام الحالي أبو الفضل بعجي على تعديل المادة 66، الذي يتضمن اقتراح انتخاب العام من قبل المؤتمر، ستفقد اللجنة المركزية أكثر من ذلك أهم سلطاتها التي تحتفظ بها منذ مرحلة الحزب الواحد.

الافلان

وبحسب تسريبات صحفية فقد ألقى أمين عام الحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي بثقله في أشغال لجنة صياغة القانون الأساسي لفرض هذا الخيار، بدلًا من الإبقاء على النظام الحالي، الذي يجعل اللجنة المركزية شريكًا في اتخاذ القرار في التنظيم السياسي.

لم تتبق للجنة المركزية إلّا صلاحيات رمزية  تتضمن إمكانية استدعاء المؤتمر واختيار اسم مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية من عائلة  أو تزكية مرشح آخر، وهي مهمة شرفية باعتبار أن اختيار مرشح الرئاسيات في الجزائر يتم في مراكز قرار بعيدًا عن أعين الدوائر الحزبية.

الافلان

وأتاحت التعديلات للأمين العام أيضًا سلطة دعوة إطارات وكفاءات حزبية للمؤتمر بصفة مندوبين، أي يحق لهم المنافسة على عضوية اللجنة المركزية مثلهم مثل المندوبين المنتخبين من قبل قواعد الحزب، في خطة تهدف لتعزيز حظوظ بعجي للاستمرار في منصبه.

وتضم التعديلات على القانون الأساسي تقليص عدد أعضاء اللجنة المركزية من جديد  إلى ما بين 250 و301 عضو بدل 500 عضو حاليًا (المادة 61).

وفي حالة شغور منصب الأمين العام للحزب (تكرّر في العهدة الحالية مرارًا)  يجتمع المكتب السياسي وجوبًا ويكلف واحدًا منه لتولي المنصب بالنيابة (المادة 64).

انفتاح أكبر..

ترجمت الصياغة الجديدة للقانون الأساسي توجهًا لزيادة المنتسبين والمتعاطفين من خلال مرونة أكبر على شروط العضوية والترشح في قوائمه، حيث يمكن للمنخرطين الجُدد مثلًا التقدم للانتخابات التشريعية في صفوف الحزب بعد أربعة أعوام  مستقبلًا بدل 7 أعوام حاليًا، وعامين للانتخابات المحلية بدل خمسة .

وينسحب ذلك على التقدم لمناصب في مؤسسات الحزب القاعدية باستثناء المناسب العليا ومنها المكتب السياسي الواجب حيازة أعوام  الأقدمية.

قواعد انضباط مشدّدة

نال القسم المتعلق بالمساءل التأديبية والأخلاقية مساحة هامة من التعديلات، في سياق معركة تخوضها القيادة الحالية للحزب المدعومة بالدولة لفرض مزيد من الانضباط الحزبي، وكسرِ عمليات التمرد التي أوصلت كوادر فيه للمحاكم والسجن في العام 2021 (محمد يسعد، ومحمد زبيري)، فيم لازال التهديد بالحبس يلاحق آخرين بمن فيهم برلمانيين حاليين.

وأضيف التعليقات والآراء التي ينشرها كوادر الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي بدون رخصة من قبل قيادة الحزب لقائمة الأخطاء، التي تضع مُرتكِب الفعل تحت طائلة الملاحقة أمام لجان التأديب (البند 9 من المادة 26).

الافلان

كما اقترحت لجنة الصياغة الإقصاء الفوري لكل مناضل شارك في تجمّع غير مُرخصٍ أمام مقرات الحزب للتعبير عن الرأي  ووضع التقارير المزيفة (تُوجه عادة للرئاسة منها التشكيك في دور عائلة الأمين العام الحالي في حرب التحرير) ونشر البيانات دون ترخيص في المسائل المرتبطة بقيادة الحزب (المادة 26).

وتترجم هذه العقوبات رغبة في إنهاء ظاهرة التجمهر والاحتجاج أمام مقرات الحزب، والتي لازالت مستمرة بسبب خلافات حول طريقة إعداد المؤتمر.

ومن غير المُستبعد أن تعرف هذه الوثيقة تغييرات، يُرجح أن تعود الكلمة فيها للموالين للزعامة الحالية للحزب، التي يبدو أنّها وضعت قانونًا على مقاسها لقيادة مريحة في العهدة المقبلة، بحسب مناضلين.

وفي أيار/ماي الماضي، أعلن رسميًا عن تنصيب الجنة الوطنية لتحضير للمؤتمر القادم للأفلان، تحت إشراف الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي وأعضاء من المكتب السياسي.

ويعود تاريخ آخر مؤتمر إلى نهاية أيار/ماي 2015، حيث أعلن حينها تزكية عمار سعداني أمينا عاما للحزب قبل أن تم الإطاحة به لاحقًا، ثم دخل الحزب في أزمة عميقة بعد الحراك الشعبي، حيث سجن اثنين من أمنائه العامين في قضايا فساد واستغلال نفوذ.