15-أكتوبر-2023
يسين

يسين بوغازي، كاتب سيناريو (تركيب: الترا جزائر)

من المثقفين الجزائريين الذين عبّروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي غاشم، منذ السبت الماضي، كاتب السيناريو يسين بوغازي، الذي أوضح في لقاء مع "الترا جزائر" مسّ جوانب ترتبط بالمقاومة وبحضور فلسطين في السينما العربية، المثقف والقضية..وغيرها، أنّ المقاومة الفلسطينية شرعية ولا تموت، وشعار عاشت فلسطين صرخة تعلقت بحناجر مناضلي وفدائي الشعوب العربية.

كاتب السيناريو يسين بوغازي: السينما الجزائرية هي الوحيدة في سينمات المغرب العربي كلّه التي أنتجت عن القضية الفلسطينية

يسين بوغازي، يقول حول تفاعله مع عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية ردّا على الاعتداءات المتكررة للكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، إنّه "بصراحة كان لا يؤمن كثيرًا بما تفعله المقاومة داخل فلسطين، اعتقادًا منه أنّ أعمالها بلا جدوى، ثمّ إنّ الشهور الأخيرة تراخت الأوضاع في فلسطين كثيرًا إلى أن بات يعتقد أن المقاومة هنالك قد غيّرت من العقيدة، لكن جاء "طوفان الأقصى" وما تلاه، فزاده إيمانا أنّ الشعار "عاشت فلسطين حرة عربية وعاش مناضلو ومقاتلو فلسطين شعارٌ لا يصدأ" وهو صرخة تعلّقت بحناجر مناضلي وفدائي الشعوب العربية. (هذا كان شعار الرئيس الراحل صدام حسين في فلسطين)."

بنر

ويُضيف بوغازي في لقاء مع "الترا جزائر": "ثم ما تلا الفداحة والجرأة على قتل الأطفال والأبرياء بالطائرات والقنابل وقصف الأحياء المحرمة دوليًا أعادني إلى اعتقادي الأصلي أنّ المقاومة في فلسطين وفى أي مكان ضدّ الظلم والاستكبار لا تموت فهي كعنقاء الزمان تحيا كلما تكاثرت عليها النيران والحرق لتنطلق طائرًا جميلًا من قلب الموت."

"طوفان الأقصى" عرّى الصهاينة

ومعلقًا حول استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزّة وجرائمه اليومية التي يرتكبها ضدّ الأطفال والنساء في ظل صمت دولي مطبق، يرى أنّ "من آمن العقاب أساء الأدب، بحيث في حالة العدوان الصهيوني فقد أستساغ الصمت العربي والحسابات التي كبّلت كثيرًا من الآمال العربية المشتركة، ولعلّ قضية فلسطين كانت إفراز دولي في إنشاء دولتين واحدة لليهود وثانية للعرب الفلسطينيين الكنعانيين لكن الذي تلاه غفلة تاريخية وتآمر فأقيمت دولة الحركة الصهيونية وأهملت الدولة الفلسطينية."

ويشير في معرض حديثه إلى أنّ "الحركة الصهيونية أخذت تقضم في أراضي الفلسطينيين العرب بالتآمر والحيل والبيع والشراء وهي كلها تاريخية غير شرعية."

ويوضح في السياق أنّ "طوفان الأقصى عرّى الصهيونية إذ بها مجرد طغمة يمكن قهرها ومقارعتها وإرغامها على الحقوق الفلسطينية العربية جمعاء."

هل ظلمت فلسطين سينمائيا؟

وفي سياق ذي صلة وارتباطًا بميدانه السينمائي، وما مدى حضور القضية الفلسطينية في الفن السابع الجزائري والعربي، يرى يسين بوغازي أنّ "فلسطين مظلومة سينمائيًا من سينمات العالم العربي."

ويلفت في السياق إلى أنّ "السينما المصرية ربما تعدّ الاستثناء الوحيد، بإنتاج بعض الأفلام حول القضية الفلسطينية ولكنّها تعدّ على رؤوس الأصابع، لكنّها تعتبر الأكثر إنتاجًا مقارنة بباقي الدول العربية الأخرى"، ولم يخف أنّ العراق وسوريا قدم كل منهما فيلمًا أو أكثر.

ويرى المتحدث أنّ "كل هذه الإنتاجات السينمائية لا تتناسب وحجم خريطة المعاناة ولا تتناسب وعقود الدهر الطويلة للصراع العربي الصهيوني وبشاعة الارتباكات والجرم المشهود في فلسطين التاريخية والحديثة."

وبخصوص الجزائر، يقول: "في بلدي الجزائر أيضًا أعتقد أنّ القضية الفلسطينية مظلومة سينمائيًا وإن كانت السينما الجزائرية هي الوحيدة وبفيلم وحيد أوحد أيضًا عن فلسطين كان ذلك سنة 1972 في إنتاج مشترك بين منظمة التحرير الفلسطينية والجزائر، الفيلم كان عنوانه "سنعود" للمخرج سليم رياض وسيناريو لأحمد راشدي وآنيا فرانكوس، وقد شارك فيها ممثلين من دول عربية تونس وسوريا ومصر."

ويتابع حديثه بالقول: "ورغم ذلك فالسينما الجزائرية هي الوحيدة في سينمات المغرب العربي كلّه التي أنتجت عن القضية والصراع في فلسطين، رغم هذا فهناك ضآلة في الاعتناء والاهتمام بالقضية الفلسطينية سينمائيا في الجزائر سواء كإنتاجات مباشرة أو مشتركة أو إنتاجات تتضمن الحديث عن فلسطين، وإن كانت السينما الجزائرية في أزمة خانقة يصعب معها تحميلها ما لا تطيق."

وبالحديث عن القضية الفلسطينية في الأفلام العربية، تنزل فلسطين ضيف شرف على فعاليات الدورة الرابعة من "الأيام السينمائية لفيلم التراث" المفترض تنظيمها نهاية الشهر الجاري، وعن هذه الفعالية التي يشارك فيها يسين بوغازي يكشف أنّ فلسطين حاضرة بفيلمين لمخرجين شابين فلسطينيين الأول فيلم "العرس الفلسطيني" للسمير أبو ضفة والفيلم الثاني للمخرج محمد رجوب عنوانه "بيسان رماعرة عتبات القبو" والعملين يتناولان تراث وأصالة الانتماء الفلسطيني، إضافة إلى عرض وثائقي "ذاكرة الثورة" الذي يناول الثورة التحريرية الجزائرية من إخراج الفلسطيني سعود مهنا عضو لجنة تحكيم ورئيس مهرجان "العودة" السينمائي بغزة. (أخبار المخرج الفلسطيني سعود مهنا منقطعة منذ انطلاق طوفان الأقصى بغزّة بحسب بوغازي).

المثقف الجزائري والقضية الفلسطينية

وفي ردّه على سؤال عن الدور الذي يجب أن يفعله المثقف الجزائري إزاء قضايا تتصل بهويته العربية والإسلامية وعلى سبيل المثال القضية الفلسطينية العادلة، يجيب المتحدث أنّ "وقوفه إلى جانب فلسطين كمثقف جزائري شرفٌ لا يدّعيه وتهمة لا ينكرها، بمقاسات انتماء إيديولوجي في اليسار الجزائري."

ويستطرد قوله: "واعتبار قضايا التحرر العالمية ونصرة المستضعفين رأسًا في فلسطين أولى تلك القضايا العادلة على معطيات إنسانية وحقوقية فلا يجب على المثقف العربي الرضوخ أمام شهوات الامبريالية ومشاريع الأنجلوساكسونين في فرض واقع لا يعترف سوى بمعطى ليبرالي ويجعل من الرفاهية وحقوق الإنسان (حسب نظرتهم) منومات للشعوب متناسيا جدارة النضال على قضايا وجودية في تحديد هوية العرب وكياناتهم ودولهم والحفاظ على ماضيهم ومستقبلهم."

ويعتبر المتحدث أنّ فلسطين إحدى التعاريف الوجودية التي يجب أن تلتصق بالمثقف الجزائري مهما تنوعت انتماءاته وإيديولوجياته، كما يرى أنّ قدر الجزائر أن تظلّ واقفة مع فلسطين على مقاسات المقولة الخالدة للزعيم الرئيس الراحل هواري بومدين (مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) والفلسطينيين والجزائريين صنوان معاناة واحدة ومشاعر مختلطة رغم بعد المسافات."