في هذه الفترة من شهر رمضان، وحين تعتزم القيام بإفطار في الهواء الطلق، في أحد الشواطئ أو المناطق الجبلية أو الغابات، فتأكّد أنك لن تكون وحيدًا في المكان، فلم يعد الجزائريون يختفون قبيل آذان المغرب من الشوارع والطرقات فما بالك بالمرافق العامة البعيدة عن المدن، فهناك ستجد عائلات ومجموعات من الشباب في كل مكان وقد أوقدوا النار ونصبوا طاولاتهم وأشعلوا الفوانيس الورقية وتجهزوا للإفطار.
مؤسس نادي الحياة للرحلات لـ "الترا جزائر": فكرة الإفطار الجماعي مع النادي انطلقت سنة 2021 حيث أقيم أول إفطار جماعي بولاية الجلفة بمنطقة الفايجة التابعة لبن يعقوب وحضرة 250 شخصًا
تقليد الإفطار في الهواء الطلق، وتزامنًا مع عطلة التلاميذ، لم يعد مقتصرًا على مبادرات فردية تقوم بها عائلات في الأماكن القريبة من البيت، بل أصبحت نوادي التخييم والجمعيات الثقافية تنظم رحلات إلى الولايات المجاورة والولايات الشاطئية في إطار تنظيم إفطار جماعي، تشارك فيه العائلات والأفراد.
توفر هذه النوادي والجمعيات المنظمة للإفطار الجماعي النقل وخيمات وسجادات صلاة، وكل ما يتعلق بطقوس الإفطار في شهر رمضان، وتوفر كل هذه الخدمات بسعر يناسب العائلات كثيرة العدد.
تشارك الإفطار
بعض نوادي التخييم في الجزائر، لم تتوان على إطلاق إعلاناتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بل علاوة على ذلك، فهي تقدم فقط خدمات النقل وحماية العائلات وتوفير الكراسي والخيمات، أما عن الطعام فقد تركت لهم مجالًا لإحضار إفطارهم معهم وتشاركه مع البقية، وتجاوز تقليد الإفطار في شهر رمضان، إلى تشارك العائلات وتعارفها وتكوين صداقات جديدة، فضلًا على أن المكان يوفّر جوًا ملائمًا للعب الأطفال الذين يقضون فترة أسبوعين دون دراسة تزامنًا مع عطلة الربيع.
إفطار على الشاطئ
ونحن نتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، نطالع إعلانًا عن تنظيم رحلة عائلية للإفطار في شهر رمضان من ولاية باتنة (425 كلم إلى العاصمة) ، ويعرض الإعلان إقامة صلاة التراويح في جامع الجزائر، فهذا المسجد الذي افتتح مؤخرًا أصبح قبلة سياحية في شهر رمضان.
هنا، تقول يسرى رئيسة جمعية التبيان الثقافية في حديث إلى "الترا جزائر" إن الإفطار الجماعي تجربة قمنا بها ونحن صغارًا، وطبقناها مع الأهل كبارًا ومع العمل الجمعوي عدة مرات.
تضيف المتحدثة: "كنا في البداية نقيم غدًا جماعيًا ومرات أخرى لتناول القهوة، ولكن مع قدوم رمضان فكرنا في الإفطار الجماعي، حيث يحضر كل شخص فطورة ونتشارك الأكلات، وقد نظمنا إفطارًا على الشاطئ، وهذه المرة نريد تنظيم إفطار جماعي وبعدها نتوجه إلى صلاة التراويح في جامع الجزائر".
حرارة فصل الصيف
مع بداية الربيع، وتزامن اعتدال الأجواء وحالة الطقس مع شهر رمضان الكريم، لم تعد فكرة الإفطار في الهواء الطلق مقتصرة على الشباب والمجموعات الصغيرة، ولكنها صارت تقليدًا سنويًا لدى الجزائريين امتد ليشمل كثيرًا من العائلات، التي باتت قضاء فترة الإفطار في مكان مفتوح.
لا أحد ينكر أنه منذ فترة جائحة كورونا المتزامنة مع حرارة فصل الصيف، لجأت عائلات جزائرية كثيرة إلى شواطئ البحر لتناول الإفطار في شهر رمضان، وانتعشت هذه الظاهرة مع توالي سنوات الحجر الصحي، فجمعت العائلات الجزائرية بين الإفطار الرمضاني والاستجمام في البحر.
الأزمة الصحية
انتهت الأزمة الصحية وبقي تقليد الإفطار الجماعي في الفضاء المفتوح ولجأت عائلات كثيرة إلى الشواطئ والغابات والتلال، ونصبت الخيام والقدور، رغم ما يشكله الإفطار في البيت من قدسية لدى كثير من العائلات الجزائرية وما يعنيه من حميمية، إلا أنها وجدت في هذه الفترة متنفسًا أيضًا لقضاء بعض الوقت الجيّد بعيدًا عن الروتين اليومي.
من جهته، يقول بلعباس حنين من ولاية الجلفة، مؤسس نادي الحياة للرحلات، إن فكرة الإفطار الجماعي انطلقت سنة 2021، حيث أقيم أول إفطار جماعي بمنطقة الفايجة التابعة لبن يعقوب (45 كلم عن الجلفة) وكانت البداية في الأماكن القريبة من ولايتنا الغابية، على حد تعبيره.
وأضاف في حديث إلى "الترا جزائر" نجهز المكان قبل ساعتين من الإفطار ونُعلم الدرك الوطني بوجودنا، نحضر الإنارة في المكان وننصب الطاولات.
أما بخصوص طعام الإفطار، فأوضح المتحدث، كل شخص يحضر معه شيئًا ما، هناك من يحضر الشوربة وهناك من يُحضر البوراك وآخر المشروبات، وهناك القادمون من بعيد فلا نكلفهم بإحضار الطعام، وبعدها نتشارك الطعام جميعًا بالتساوي "في الإفطار الجماعي الأول في ولاية الجلفة، حضره أكثر من 250 شخصًا، وانضم إلى الصيادون والجمعيات وكان أول إفطار في منطقة الفايجة كما ذكرت".
العائلات خُصّص لهم مكان خاص، يقول بلعباس حنين، أما الرجال فلهم مكان خاص بهم، حفاظًا على خصوصية العائلات ومحافظة المنطقة، ولحد الآن نظمنا إفطارين في شهر رمضان، وكانت لدينا خرجة ثالثة ألغيت بسبب سوء الأحوال الجوية.
نادي الحياة للرحلات
أما بخصوص الرحلات، فيقول مؤسس نادي الحياة للرحلات، إن هناك رحلات في النهار فقط، وهناك رحلات توفّر المبيت، أما الأماكن القريبة التي تفضلها عائلات الجلفة فذكر أنها تحبذ تيبازة أو الجزائر العاصمة.
حذّر مؤسس نادي الحياة للرحلات من الخرجات غير المرخصة إذ يقوم أشخاص بشكل غير قانوني بتنظيم رحلات عشوائية وبدون ضمانات
في مقابل ذلك، حذّر بلعباس حنين، من الرحلات غير المرخصة، إذ يقوم أشخاص بشكل غير قانوني بتنظيم رحلات عشوائية وبدون ضمانات، وهو ما يؤثر على كثير من الزبائن الذين يعقون في الاحتيال والنصب وسوء المعاملة، موجهًا نداءه للسلطات باتخاذ قرار صارم لوضع حدّ لهؤلاء.
