مع بداية موسم الاصطياف في الجزائر في اليوم المصادف لـ 21 حزيران/جوان الجاري، تستعد السلطات الجزائرية بشكلٍ مكثف لجعل هذا الصيف مميزًا، بهدف تحقيق رقم قياسي في عدد السياح الأجانب والمصطافين المحليين، مع توقّع توافد كبير من أبناء الجالية الجزائرية المقيمين في الخارج.
مع بداية الصيف اشتكى عدد من المصطافين من عودة مظاهر سلبية إلى الشواطئ منها فرض مبالغ مالية في حظائر السيارات دون تذاكر واقتحام مربي الخيول والكلاب الخطرة فضاءات خاصة بالعائلات
في إطار هذه الاستعدادات، أعلنت شركة الخطوط الجوية الجزائرية عن عروض استثنائية لفصل الصيف تحت عنوان "أسرة"، حيث تشمل هذه العروض تخفيضات تصل إلى 70 بالمائة على تذاكر الطيران للعائلات القادمة من الخارج، حيث تهدف المباردة إلى تسهيل عودة أبناء الجالية الجزائرية وتوفير فرص أكبر للمصطافين المحليين للسفر داخل البلاد.
من جهة أخرى، قرّرت وزارتا الداخلية والسياحة تقديم تجربة شاطئية مجانية، حيث يمكن للمصطافين الولوج إلى الشواطئ دون أي رسوم. بالإضافة إلى ذلك، تم منح مزايدات لتقديم الخدمات الغذائية والتجارية وتأجير الطاولات والمظلات عبر معظم الشواطئ الكبرى، مع التركيز على اختيار أفضل مقدمي الخدمات لضمان تجربة ممتعة ومرضية.
في السياق ذاته، أبرم مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري اتفاقًا مع أربعة مجمعات سياحية عمومية تدير نحو 1600 مؤسسة فندقية. هذا الاتفاق يتضمن تخفيضات غير مسبوقة في أسعار الإقامة للعائلات خلال فصل الصيف، مما يتيح للأسر الاستفادة من عروض مغرية لقضاء عطلة مميزة في مختلف المناطق السياحية بالبلاد.
بفضل هذه الجهود المتضافرة، تأمل الجزائر في جذب عدد كبير من السياح، وتحقيق قفزة نوعية في القطاع السياحي، بما يُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتقديم صورة مشرقة عن الوجهات السياحية الجزائرية المتنوعة، فهل ستنجح هذه التجربة؟
في مقابل ذلك، وبعيدًا عن الخطابات الرسمية، مازال المصطفاون يشتكون من عدة صور سلبية في الشواطئ الجزائرية في ظل غياب الرقابة، فقبل انطلاق موسم الاصطياف، بدأ عدد من الشباب في حجز الشواطئ وحضائر السيارات وعادت الممارسات السابقة إلى الواجهة وهو ما قد يؤثّر سلبًا على المشهد العام للسياحة في الجزائر، إذا لم تتدخل السلطات بشكل عاجل وتباشر حملة استباقية للقضاء على الفوضى في هذه الشواطئ وتفرض رقابة على مؤجري الشقق وتسقّف الأسعار.
في هذا السياق، يقول سمير، وهو شاب أربعيني صاحب تجارة حرّة، إنه يشعر بخيبة أمل كبيرة جدًا بسبب عودة المظاهر السلبية السابقة في الشواطئ الجزائرية، وروى أنه توجه إلى أحد شواطئ تيبازة "شاطئ سنوة العائلي"، فوجئ بعودة عدد من الممارسات السابقة التي وعدت السلطات بالقضاء عليها في إطار مجانية الشواطئ، إضافة إلى انعدام النظافة وقلة المرافق وفرض مبالغ دخول على المصطافين دون وجه حقّ.
يقول في حديث إلى "الترا جزائر" إن أول شخص صادفه في الحظيرة كان حافيًا وعاري الصدر وفرض عليه دفع مبلغ 200 دينار لركن سيارته، مشيرًا إلى أن الشاب لم يكن يرتدي شارة هوية ولا أي شيء يدل على أنه يحمل رخصة استغلال، فضلًا على أنه لم يسلمه تذكرة الدخول وحين سأله عن التذكرة قال إنها لم تصل بعد، مؤكدًا أن ذلك حدث أمام رجل الشرطة الذين كانوا يركنون سيارتهم بالقرب لوجود مركز شرطة في المكان.
ومع دخول الشاطئ يضيف سمير الذي قدم من ولاية داخلية، وقف على تراكم الأوساخ في مدخل الشاطئ وتبعثرها على رمال البحر، ورغم أن احتكار المساحات القريبة من الشاطئ لم يعد كما في السابق واختفت ظاهرة تنصيب الطاولات والكراسي مسبقًا، إلا أنه وقف على ممارسات أرغمته على مغادرة المكان فورًا، منها دخول عدد مربي الخيول إلى الشواطئ بأحصنتهم وتأجيرها للمصطافين، فضلًا على وجود أشخاص اصطحبوا كلابًا خطيرة من فصيلة "مالينوا"، وهو ما دفعه إلى التقاط صور تؤكّد هذه الوقائع وهمّ بالمغادرة خوفًا على أطفاله.
أرقام قياسية عبر الجوية الجزائرية
في سياق آخر، وعودة إلى لغة الأرقام والإحصائيات، أعلنت شركة الخطوط الجوية الجزائرية في وقت سابق، عن تسجيل إقبال غير مسبوق على عرضها الصيفي الخاص بالعائلات تحت اسم "أسرة"، والذي انطلق رسميًا في 22 نيسان/أفريل الماضي، حيث بلغت الحجوزات ربع مليون تذكرة في ظرف شهر واحد، كما أن العرض يتضمن تخفيضات تصل إلى 70 بالمائة على تذاكر الطيران للفرد الواحد، وهو ما جذب اهتمام العائلات الجزائرية بشكل كبير.
ومعلوم أن عرض "أسرة" متاح للفترة الممتدة من 1 جوان / حزيران إلى 30 سبتمبر/ أيلول 2024، مما يجعله خيارًا مثاليًا للمهاجرين الجزائريين الراغبين في زيارة وطنهم خلال عيد الأضحى. يشمل العرض تخفيضات على تذاكر الطيران للأسر، بما في ذلك الأزواج مع أو بدون أطفال، بالإضافة إلى العائلات المكونة من بالغين وأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و20 سنة.
إلى هنا، وأكد رئيس مصلحة متابعة وكالات الخطوط الجوية الجزائرية، عكاش مهدي سفيان في تصريح لـ "الترا جزائر"، أن العرض شهد إقبالًا هائلًا سواء من داخل البلاد أو من الجالية الجزائرية في الخارج، خاصة من المدن الفرنسية التي تضم أكبر عدد من الجزائريين المغتربين. وذكر أن التخفيضات بلغت 70 بالمائة لكل فرد، وأن الحجز متاح عبر الهاتف، أو المنصة الرقمية، الموقع الإلكتروني، أو عبر الوكالات المنتشرة في 58 ولاية.
وأشار عكاش إلى أن أسعار التذاكر المخفضة في عرض "أسرة" للرحلات بين الجزائر وفرنسا تبدأ من 199 يورو، مقارنة بأسعار العام الماضي التي كانت تتراوح بين 500 و600 يورو، مما يفسر الإقبال الكبير على العرض. وتأمل الخطوط الجوية الجزائرية من خلال هذا العرض أن تساهم عبر هذه التخفيضات في تعزيز حركة السياحة الداخلية والخارجية، وتحقيق أرقام قياسية في عدد المسافرين خلال هذا الصيف.
غرف ثلاثية بالفنادقة بداية من 38 دولار
وبالموازاة مع ذلك، وتنفيذًا لتعليمات السلطات العليا في البلاد، أعلنت المجمعات السياحية العامة في الجزائر عن طرح أسعار مميزة للعائلات الجزائرية بداية من شهر جوان /حزيران مع تخفيضات تتراوح بين 20 و25 بالمائة، مشددة على أن يمكن للعائلات الآن حجز غرفة فندقية تتسع لثلاثة أشخاص بسعر يتراوح بين 5000 و7000 دينار لليلة الواحدة، أي بين 38.21 و52.1 دولار.
ويأتي ذلك بناء على إتفاق وقعه مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري مع متعاملي السياحة، من بينهم الديوان الوطني للسياحة والأسفار ومجمع فندقة وسياحة وحمامات معدنية وشركة الاستثمار الفندقي. هذه الاتفاقية تهدف إلى تقديم تخفيضات على الخدمات السياحية للعائلات الجزائرية وأفراد الجالية المقيمين في الخارج، حيث تتراوح التخفيضات بين 20 و25 بالمائة.
ستتيح هذه التخفيضات للجزائريين استئجار غرف ثلاثية بأسعار تبدأ من 5000 دينار/ 38.2 دولار، وبعض الفنادق ستقدم خدمات مجانية مثل المنتجعات الصحية والمسابح، ومعلوم أن هذه العروض تختلف من فندق لآخر ومن مجمع لآخر.
في هذا السياق، تحدثت المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة، ناصر باي صليحة، لـ "الترا جزائر" عن الجهود المبذولة لجعل الجزائر وجهة سياحية بامتياز، من خلال تحسين تحسين الخدمات وتخفيض الأسعار.
وأكد عمار قلاتي، الرئيس المدير العام لمجمع فندقة وسياحة وحمامات معدنية "أش تي تي"، الذي يضم 43 وحدة سياحية، في تصريح ل"الترا جزائر" على هامش توقيع الإتفاق الأسبوع الماضي بفندق الأوراسي بالعاصمة الجزائر، أن هذه التخفيضات تأتي بناءً على توصيات السلطات العامة، مع تقديم شواطئ مجانية وتحسين خدمات الاستقبال.
إلى هنا، يقول إسماعيل شعلال، الرئيس المدير العام لشركة الاستثمار الفندقي في تصريح في حديث إلى "الترا جزائر" أن التخفيضات تصل إلى 25 بالمائة، مع تقديم خدمات مجانية، مما يجعل العرض مغريًا للزبائن. ومع كل هذه الجهود الاستثنائية، تستعد الجزائر لصيف مميز يأمل أن يكون نقطة تحول في قطاع السياحة.
تذاكر مخفضة تصل إلى 70بالمائة، شواطئ مجانية، وتخفيضات في الفنادق تصل إلى 25 بالمائة تجعل من الجزائر وجهة جذابة للعائلات والمصطافين
تذاكر مخفضة تصل إلى 70بالمائة، شواطئ مجانية، وتخفيضات في الفنادق تصل إلى 25 بالمائة تجعل من الجزائر وجهة جذابة للعائلات والمصطافين من داخل البلاد وخارجها، ويبقى السؤال الكبير: هل ستنجح هذه الجهود في تحقيق رقم قياسي للسياح هذا العام؟ الإجابة ستأتي مع مرور الأيام، ولكن المؤشّرات الحالية تبشر بموسم سياحي حافل بالنجاح والتألق.