25-مايو-2019

من مسيرات الجمعة الـ14 (الترا جزائر)

لازال الجدل قائمًا حول موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراءها في الرابع من تموز/يوليو المقبل، رغم أن المجلس الدستوري الجزائري ستنتهي آجال إيداع ملفات الترشح اليوم السبت، منتصف الليل.

هناك العديد من المؤشرات على حتمية تأجيل الانتخابات الرئاسية، على رأسها المقاطعة السياسية والقضائية لها

وبالأرقام، أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية عن سحب 77 مرشحًا لاستمارات جمع التوقيعات لخوض الاستحقاقات الرئاسية، غير أن ثلاثة رؤساء أحزاب سياسية فقط من أبدو رغبتهم في الترشح، وهم رئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيس الجبهة الجزائرية للتنمية والحرية والعدالة الطيب ينون.

اقرأ/ي أيضًا: رسائل الإبراهيمي.. مبادرات تلقي بالكرة في ملعب الجيش

مغامرة

 قانونيًا، تنتهي آجال الترشيحات ليلة اليوم السبت، وذلك بناءً على المادة 140 من القانون العضوي للانتخابات، الذي ينص على: "تودع ملفات الترشح في غضون 45 يومًا على الأكثر من نشر المرسوم في الجريدة الرسمية"، إذ تم استدعاء الهيئة الناخبة من طرف رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح يوم التاسع من نيسان/أبريل الماضي.

كما تنص المادة 141 من قانون الانتخابات على أن "يفصل المجلس الدستوري في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية، بقرار في أجل أقصاه 10 أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح"، أي يوافق المجلس الدستوري على ملف المترشحين بعد أن يقوم المرشح بجمع 600 توقيع فردي من منتخبين بالمجالس الشعبية المحلية أو البرلمانية، موزعين على 25 ولاية على الأقل، أي بقائمة تضم 60 ألف توقيع فردي على الأقل لمنتخبين يتم الحصول عليها عبر ما لا يقل عن 25 ولاية، مع عدد أدنى للتوقيعات المطلوبة لكل ولاية والذي لا يمكن أن يقل عن 1500 توقيع.

وعمليًا، فالانتخابات الرئاسية صارت في "حكم الملغاة"، كما يقول الأستاذ في العلوم السياسية محمد الأمين دحو لـ"الترا الجزائر"، مُرجعًا ذلك لعدة عوامل، أهمها بحسبه: "رفض الشارع إجراءها في موعدها المحدد قانونيًا، فضلًا عن مقاطعة تنظيمية من قِبل القضاة الذي رفضوا الإشراف عليها، علاوة على رفض العديد من رؤساء البلديات تنظيمها".

"كما أن عامل الوقت يعد ضاغطًا على عدم إجراء الانتخابات"، يضيف دحو، موضحًا: "اليوم تنتهي الآجال القانونية لإيداع الملفات الترشح، ويفترض أن يعلن المجاس الدستوري في الفاتح من حزيران/يونيو، قائمة المرشحين، وهذا لن يحدث بسهولة".

والسبب الأبرز بحسب المتحدث، أن "اللجنة المستقلة لانتخابات التي تطالب بها قوى المعارضة والحراك الشعبي لضمان نزاهة الانتخابات، ودعا إليها الجيش في الخطاب الأخير لقايد صالح، لم تنشأ بعد وإنشاؤها يتطلب مسار تشريعي لمراجعة وتعديل قانون الانتخابات وهذا يأخذ وقت أيضًا".

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن الجيش سيخضع لمنطق الأمر الواقع، وسيتم تأجيل الانتخابات، وأن ما يجري الآن هو البحث عن المصوغات الدستورية لإعلان إلغائها، سواء لعدم وجود مترشحين أكفاء، أو لأسباب أخرى.

أما شعبيًا، فانتفض الشارع الجزائري في الجمعة الـ14 رفضًا لإجراء الانتخابات تحت وصاية حكومة الوزير الأول نور الدين بدوي، بسبب "مسؤولية بدوي السياسية في التلاعب بنتائج الانتخابات البلدية والنيابية التي جرت في حزيران/يونيو وتشرين الثاني/نوفمبر 2017"، كما يقول الناشط الحراكي عبدالوكيل بلام.

ووسط تعزيزات أمنية مشددة، رفع المتظاهرون شعارات رافضة للانتخابات، أرزها:" مكاش انتخابات يالعصابات"، و"تحيا الجزائر"،  فضلا عن رفع صور لشهداء الثورة التحريرية.

كل ما سبق، مؤشرات تدلّ على عدم توفر المناخ لتنظيم الانتخابات، إذ أكدت الأستاذة المختصة في القانون الدستوري نورة بلفراق، أن السلطة الحاكمة في الجزائر متمسكة بالحل الدستوري وعدم الخروج عنه، "لكن لزامًا عليها في مقابل ذلك توفير الأجواء وعدم الذهاب نحو تأزيم الوضع أكثر".

وأضاف بلفراق في حديث لـ"الترا جزائر": "بإمكان المجلس الدستوري إعطاء تفسيرات للنصوص الدستورية، ويمكن تكييف نصوص الدستور وفق تحولات الحياة السياسية".

تأخير ستة أشهر

هذا ويعرف الوسط السياسية مقاطعة شاملة للانتخابات، إذ سبق واقترحت أحزاب معارضة، تنظيم الانتخابات الرئاسية بعد ستة أشهر من مرحلة انتقالية مقتضبة.

من جانبه دعا رئيس حزب الفجر الجديد، الطاهر بن بعيبش، إلى "ضرورة إجراء حوار شامل بين مختلف الأطياف السياسية وممثلين عن الحراك والجيش، من أجل التوصل إلى توافقات"، مؤكدًا في تصريحات للإذاعة الجزائرية أن "تأجيل الانتخابات وإيجاد التوليفة القانونية لذلك، لا يضر، طالما أن المصلحة في التوافق على حل الأزمة وتحقيق انتخابات نزيهة تخدم مصالح الشعب الجزائري".

بدوره أكد رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، على "استحالة إجراء انتخابات مستقبلًا، إلا بإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات التي دعا نائب وزير الدفاع إلى إنشائها". وجدد بن فليس في تصريح للتلفزيون الجزائري الرسمي، دعوة حزبه إلى حوار شامل من أجل "المرور إلى بر الأمان"، لافتًا إلى أن تعطيل هذه المخرجات "ستدخل الجزائر في دوامة صعبة". 

أما حركة مجتمع السلم، فدعت بدورها إلى "تنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في غضون آجال انتقالية قصيرة في حدود ستة أشهر من الآن"، مشددة في بيان لها، على "ضروة استبدال إطارات الدولة المرفوضين شعبيًا، وتنظيمها من طرف هيئة مستقلة".

إصرار الجيش

تأتي هذه المواقف ضمن تيار عام مخالف لما تدعو إليه السلطة في الجزائر، إذ يرفض رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح التأجيل، إذ دعا الأسبوع الماضي إلى الإسراع لإجراء الانتخابات في أقرب وقت لأجل الخروج من الأزمة، بحسبه.

وفي المقابل من ذلك، تدعم الأحزاب المحسوبة على الرئيس السباق عبد العزيز بوتفليقة، خطاب قائد الأركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، حيث دافع حزب جبهة التحرير الوطني عن ضرورة البقاء ضمن إطار الحل الدستوري، قائلًا في بيان له إن "الاقتراحات الظرفية والمبادرات الجوفاء، خاصة التي تهدف إلى الوصول لفراغ دستوري، ليست كفيلة بتحقيق تطلعات الشعب وإقرار الحكم عن طريقه".

كما أن التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، المتهم في قضايا فساد، أعرب عن دعمه موقف الجيش في التمسك بالانتخابات الرئاسية.

انتفض الشارع في الجمعة الـ14 رفضًا لإجراء الانتخابات تحت وصاية حكومة نور الدين بدوي لـ"مسؤوليته في التلاعب بانتخابات سابقة"

من جهته، دعا حزب تجمع أمل الجزائر، الذي يقوده النائب في مجلس الأمة عمر غول، "الشعب الجزائري إلى الالتفاف حول المؤسسة العسكرية، واعتبار الدستور هو الحل الأمثل والأسلم للخروج من الأزمة السياسية والعودة السريعة للمسار الانتخابي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

موجة عالية للقضاء: نائب عام جديد والمزيد من ملفات الفساد أمام المحاكم

ما الذي قد يعنيه القبض على سعيد بوتفليقة والجنرالين توفيق وطرطاق الآن؟