28-مارس-2024
تمارين رياضة في متنزه الصابلات (فيسبوك/الترا جزائر)

تمارين رياضية في متنزه الصابلات (فيسبوك/الترا جزائر)

يربط الكثيرون في الجزائر مسألة ممارسة الرياضة بالظروف اليومية، التي غالبًا ما تكون المشجب الذي يعلق عليه العشرات أسباب العزوف عنها، أو تجاهلها حينًا، والإقبال عليها أحيانًا أخرى، ولكن حتى وإن مارسوها فغالبًا ما يطرحون مشكلة الاستمرارية، أما في شهر رمضان فممارسة الرياضية تستوقف كثيرًا من الناس لمعرفة فوائدها وانعكاساتها.

يحاول كثيرون اتباع أنشطة بدنية كممارسة تمارين "الكارديو" لتخفيف وزن الجسم وحرق الدهون

من خلال أسئلة كثيرة، طُرحت على عديد الأشخاص في الشارع الجزائري، وفي قاعات الرياضة وفي فضاءات الترفيه، يتجنب البعض التعاطي مع التمارين الرياضية كـ"أسلوب حياة"، ولهم أسبابهم، في مقابل توجه بعض المهتمين بـ" الجسم السليم" وأصبحت بذلك الرياضة شغفهم الأول، إلى تشكيل فرق رياضية من خلال استغلال الفضاء الافتراضي، لجمع أكبر قدر من الناس وحملهم على ممارسة نشاط وتمارين اللياقة البدنية.

كما تسعى هذه المجموعات إلى التحفيز للقيام بذلك والاستمرار في ممارستها، لكن ما حال كل شغوف باللياقة البدنية خلال شهر رمضان؟ وهل ممارسة النشاط الرياضي يتزايد في الشهر الفضيل تماشيًا مع أصوات المختصين الذين يركزون على فوائده فترة الصوم؟.

الروتين يهدد الصحة

تختلف نظرة البعض إلى ممارسة الرياضة بأنها مهمة ثانوية، فبمجرد طرح سؤال: هل تمارس الرياضة؟ ولماذا لا تمارسها؟ يسترسل المعني بذكر العقبات والعوائق التي تحول دون ذلك، في حين القلة القليلة بحثت عن تطويع الظروف لأداء أي نوع من أنواع التمارين الرياضية أقلها ممارسة رياضة المشي.

في بعض الأحياء الجزائرية، برزت بشكل لافت العديد من الملاعب الصغيرة وسط العمارات، والمباني السكنية، بل صارت جزءًا لا يتجزأ منها، غير أنها مخصصة للذكور فقط دون الإناث، وللرجال متسع من الممارسة الرياضية على النساء التي من المستحيل أن تلجأ إليها.

هذا الواقع المنتشر في العديد من المدن الجزائرية، والذي لا مرية فيه، تقول سمية سعداوي لـ" الترا جزائر" إنها تخشى من نظرة الناس لها لممارسة الرياضة وفي عزّ رمضان جنب مسكنها، مشددة على أن رغبة الكثيرات من أمثالها تتزايد بهدف اتباع نظام رياضي تزامنا مع النظام الغذائي الصحي خلال رمضان، وانتهاز فرصة التنظيف الجسدي بفعل الصوم وتأهيل أعضاء الجسم.

بالنسبة للنساء، وجدت الكثيرات حلًا، لممارسة الرياضة في شهر رمضان وفي البيت، وذلك باتباع برامج مخصصة للرياضة النسوية في عروض تقدمها مدربات عن طريقة الشبكة العنكبوتية، وهي العروض التي استقطبت الكثيرات من الماكثات في البيوت أو من النساء اللواتي يتعذر عليهن الاشتراك في قاعة رياضة أو ممارستها في الفضاءات الترفيهية المفتوحة.

تحديات

وعلى خلاف ما يروجه المجتمع من برمجة اجتماعية في الأذهان، تجاوزت كثيرات عقدة نظرة المجتمع، بإصرارهن على إشباع رغبتهن في الحركة وممارسة نشاط بدني، بعيدًا عن الروتين اليومي، وذلك في فضاء مفتوح مثل "الصابلات" على مستوى الواجهة البحرية للعاصمة الجزائرية، بالنظر إلى المساحة المتاحة لذلك، فضلا عن تجهيز هذا الفضاء بملاعب صغيرة يمكن للكثيرين ممارسة الرياضات الجماعية.

بينما، يهتم الكثيرون برياضة المشي أو الجري في غابات "باينام"، أو غابة "بوشاوي" غربي العاصمة الجزائرية، خاصّة وأن المكان قبلة للعشرات من العائلات وعشاق الطبيعة من الشباب والرجال والنساء.

وفي هذا الإطار، اختارت نسيمة رياضة المشي أربع مرات خلال الأسبوع في غابة "بوشاوي"، رغم ظروف العمل وشهر الصيام، معتبرة أن المكان المفضل لها هو الفضاء المفتوح والمليء بالأشجار، ويرافقها في هذه الفترة المستقطعة من يومياتها زوجها وأبناءها الثلاثة.

تقول لـ" الترا جزائر" إن إصرارها على ممارسة الرياضة أسهم في أنها تنظم وقتها لتجهيز الإفطار الرمضاني، وغالبًا ما تجعل من وجودها رفقة الأسرة الصغيرة في الغابة فرصة لتنظيم إفطار خارج البيت.

وتضيف قائلة إن العملية جيدة، ومحسوبة من ناحية الترفيه وتنويع ممارسة الرياضة، إذ تقضي بعض الوقت بعد الإفطار في ممارسة شغفها في رياضة المشي أو الجري ولو لـ 45 دقيقة فقط.

في الحركة بركة

أصبحت الرياضة تشكّل تحدٍ كبيرَا بالنسبة للبعض بعد خمول السنوات والركون لمنطقة الراحة، إذ يقول وليد سياري (43 سنة) إنه باشر الرياضية منذ ستة أشهر، وهي خطة وضعها للاستعداد لشهر رمضان، إذ بدأ أولا بتعديل أكله ونومه، كما التزم بتناول الأطعمة الصحية، بدءًا بالتخلص من السكريات أو "سموم السكر الأبيض والمشروبات الغازية".

يحاول خلال هذه الفترة أن ينتهز الفرصة خلال الصيام من أجل الالتزام الصحي في الأكل والابتعاد عن كل ما يعطل ذلك، خاصة الحلويات التي تحتوي على السكريات والتي تجذب العين قبل المعدة، إذ يتزايد عرضها واستهلاكها في رمضان.

الالتزام بالرياضة يمر عبر عدة مراحل: تبدأ أولا من حالة الانسحاب من فترات الركون والخمول إلى حالة الحركة والنشاط، في هذا الصدد يشرح لـ" الترا جزائر" بأنه " في البداية كان الركض هو الوسيلة الوحيدة لتجاوز هذه المرحلة، والتي استغرقت بالنسبة له، أكثر من ثلاثة أشهر، بينما في شهر رمضان يعود إلى الركض على معدة خاوية قبل آذان الإفطار بساعة كاملة".

أما المرحلة الثانية فتتعلق بتعود الجسم بالحالة النشطة وتجاوبه مع الجهد البدني والعضلي الذي يقوم به الشخص، فيما تبقى المرحلة الثالثة وهي أهم مرحلة كيفية تنظيم التمارين والاستمرار في أدائها كأسلوب حياة، "يشبه إلى حد بعيد بعادة شرب القهوة الصباحية، لا يمكن للبعض التخلي عنها".

كثيرون يلجؤون إلى اتباع الأنشطة البدنية كممارسة تمارين "الكارديو" لتخفيف وزن الجسم وحرق الدهون، ففي رمضان يكون الأمر مناسبًا لأي شخص يريد فقدان الوزن، فيما يلجأ البعض إلى إدخال تمارين المقاومة والتي تعتمد على الأوزان الهدف منها بناء الجسم ويقوي العظام.

العقل السليم

بعيدا عن روتين الحياة اليومية، بين العمل والأسواق والبيت والبرامج التلفزيونية، يشدد البعض على أن قلة ممارسة النشاط البدني من شأنه أن يصيب الجسم بالخمول وزيادة في الوزن.

لهذا، يركز البعض إعطاء الجانب الصحي الأولوية الكبرى في رمضان، وفي هذه الحالة، شكّل العديد من الرياضيون مجموعات فيسبوكية للقيام بالتمارين الرياضية في الهواء الطلق مثل ما تفعله مجموعة "سامي. س.ر" وهي مجموعة فيسبوكية حفزت العشرات من الشباب من الدخول في تحدي ممارسة تمارين المقاومة والتدريب العضلي في الهواء الطلق.

ويذكر علي( 26 سنة) وهو طالب جامعي، أنه انضم إلى هذه المجموعة التي تنشط في ضواحي العاصمة، بعدما تعذر عليه الإقبال على ممارسة الرياضة في قاعة رياضة بسبب التكاليف الباهظة.

من العادات الرياضية الناجحة في شهر رمضان، تجربة "مجموعة التحدي .. صحة ورياضة" بولاية الجلفة جنوبي الجزائر، والتي أسهمت في إدخال الرياضة للجميع خلال شهر رمضان منذ 2017، وترسيخها طوال السنة كسلوك صحي.

وارتأت المجموعة تحديد غابة "سن الباء" وهي من أـهم المواقع الطبيعية في المنطقة، واستغلال فضاء خاص لممارسة رياضة الجري والحركات الرياضية الخفيفة التي تتلائم مع الصيام.

كما يلاحظ، توجه اهتمام الجزائريين نحو ممارسة الرياضة لما لها من فوائد على الجسم والذهن والنفسية أيضا، إذ يواظب البعض على الاشتراك في مجموعة رياضية في الوسائط الاجتماعية، من خلال ما ينشره مختصون من أمثال المختص في الرياضة والتحضير البدني الدكتور عبد الله منصوري، من نصائح ودروس وإجابة على تساؤلات المهتمين، إذ يستفيد منها الكثيرون لأجل ممارسة صحية لأيّ نشاط بدني.

النظام الغذائي في شهر رمضان غير صحي فهو ملئ بالدهون في مختلف الحلويات والأطعمة 

وجب الإشارة إلى أن النظام الغذائي خلال شهر رمضان لدى الكثيرين، غير صحي، وذلك راجع إلى ارتفاع نسب الدهون في مختلف الأطعمة والحلويات الشهية، ما يجعل الحفاظ على لياقة الجسم والوزن عملية شاقة فترة الصوم، وتحتاج إلى مداومة وإصرار ومجموعة تحفيزية.