27-سبتمبر-2023
شاب يبيع الألعاب النارية في الجزائر العاصمة  (الصورة: Getty)

شاب يبيع الألعاب النارية في الجزائر العاصمة (الصورة: Getty)

يَستعد الجزائريون لإقامة شعائر خاصّة في يوم المولد النبوي الشريف، فهو مناسبة لها حركيتها الخاصة في الشارع وبين الأسر الجزائرية، وفرصةً ثمينةً يجتمع فيها أفراد العائلة حول طاولة تتزين بمختلف الأطعمة والحلويات، إذ تَعبق البيوت في هذا اليوم بروائح العنبر والعطور وتضاء بالشموع، وتصطف في الشارع طاولات لبيع المفرقعات والفوانيس والبخّارات والديكورات الخاصة بهذه المناسبة.

الألعاب النارية لها تسميات كثيرة على اختلاف أنواعها في الشارع الجزائري فنجد منها: “الصاروخ"، "البوق"، "الحكة"، "ستيلو"، "العكري"، "الزيڨة"، "الشيطانة" و"المرڨازة"

شارع عمار علي ينتعش

في هذا السياق، وفي الساعات الأخيرة قبل انطلاق احتفالية المولد النبوي في الجزائر، يَزدهر شارع عمار علي "علي لابوانت " أو شارع "راندوان" سابقًا، أو "جامع اليهود" كما يلقبه أبناء العاصمة، وهو من الأحياء الشعبية العتيقة، يقع بأسفل مدينة القصبة، ويُعرف بضيق الأزقة والممرات، ويعرف بنشاط التجاري الموازي، بطاولات باعة الأرصفة، حيث تنشط تجارة الألبسة التقليدية الخاصة بالأطفال، وتعلو نداءات أصحاب الطاولات التي تعرض الألعاب النارية، وسط حركية غير معهودة للمارة.

يوجد في آخر شارع علي عمار، مسجد ابن فارس، الذي بناه عبد الرحمان بن فارس الاندلسي سنة 1666 م، بحسب بعض المؤرّخين، ويعد من أشهر مساجد العاصمة، وسُمي الحي بـ جامع اليهود" بعد تَحويل المسجد إلى معبدا للديانة اليهودية من طرف الاستعمار الفرنسي، ومباشرة بعد الاستقلال سنة 1960، أعيد المبعد إلى حالته الأولى وأصبح مسجدًا تقام فيه الصلاة، بعد إزالة جميع أثاث ومعالم الديانة اليهودية، حيث أقام فيه الشيخ عبد الطيف سلطاني أول خطبة جمعة.

وسابقًا كان شارع عمار علي "علي لابوانت" مقر تجارة للبيع الألبسة الرجالية والعطور بالجملة، ومنذ انتقال أغلب البائعة إلى منطقة الرويبة، أصبح الشارع مركزصا لبيع المفرقعات والألعاب النارية والشماريخ.

عند مخرج محطة الميترو "علي بومنجل" تسللنا إلى وسط شارع أحمد بُوزرِينَة أو شارع لالير سابقًا، حيث ينتهي الشارع عند جامع كتشاوة المقابل لساحة الشهداء ودار عزيزة بالعاصمة، وعلى طول الساحة يَعبق الشارع بروائح البخور المُقبلة من طاولات بائعي المفرقعات والشموع والبخور، ويَنشط شباب أحياء القصبة في تنظيم الطاولات وعرض السلع والبضاعة المرتبطة بطقوس المولود النبوي.

ألعاب محظورة

بحلول عيد المولد النبوي، تنشط تجارة المفرقعات في الأسواق الشعبية، خصوصًا بشارع عمار علي، يستخدم الباعة كنايات واستعارات للمفرقعات، على غرار “الصاروخ"، "البوق"، "الحكة"، "ستيلو"، "العكري"، "الزيڨة"، "الشيطانة"، المرڨازة".

يدور حديث بين الباعة عن حجز مصالح الأمن لحاويتين من حجم 40 قدمًا معبأةً بالمفرقعات والألعاب النارية، هنا، يقول أحد الباعة إن توقيف الحاويتين "ضربة كبيرة" لتمويل السوق بمناسبة مولود النبوي.

بينما يؤكّد زميل له أن السلعة والبضاعة باتت متوفّرة طوال السنة، موضّحًا في حديث "التر جزائر" (دون الكشف عن هويتنا)، في السابق كانت تجارة المفرقعات والألعاب النارية مرتبطة بالمولود النبوي، لكن اليوم هي متوفّرة بشكلٍ دائمٍ، ويقتنيها مناصرو الفرق الرياضية وهي حاضرة بقوة في الملاعب، وكذا احتفالات النهاية السنة، والأعراس وغيرها.

وأفاد محدثنا أن تجارة المفرقعات ازدهرت بشكلٍ هائلٍ رغم المنع والحظر القانوني لاستيرادها وبيعها، حيث تتوفّر المفرقعات للزبائن السلع سواءً بالجملة والتجزئة، لذا يرتاب ويشك كل الباعة من أي شخص يطرح الأسئلة أو يحاول السؤال عن مصدر البضاعة، على حدّ قوله.

شبكات التهريب

من جانبه، لا يمكن أن تطرح السؤال بشكلٍ مباشر عن مصدر المفرقعات والألعاب النارية المحظورة، وأيّ توجّس أو شك يتجاهلك البائع وينصرف عنك، لكن يدور الحديث عن شبكات قوّية لتهريب حاويات معبأة بالمفرقعات وألعاب نارية، مختصة في تهريب نوعية هذا السلع منذ سنوات.

وفي سياق تجاذب الحديث مع أحد الباعة، ذكر أن مهربي وأصحاب تلك السلع غالبًا ما يُقيمون ويديرون نشاطهم في مدينة دبي، بحسب أقواله، مشيرًا أن تجارة المفرقعات تحصد أموال هائلة وأرباح كبيرة، وضرب مثالًا على ذلك، أن حاوية ذات حجم 40 قدمًا إذا كانت تكلفتها واحد مليار سنيتم، فهي تحقق أرباحًا صافية بقيمة أربعة ملايير سنتيم.

يوضّح محدثنا أن أغلب البضاعة قادمة من الصين، لكنها تمر عبر موانئ إسبانيا أو إيطاليا لصرف النظر عن مراقبة الجمارك والمصالح الأمنية، ويعود ذلك إلى وجود شبكات أخرى على مستوى بعض الحدود الشرقية، خصوصًا محور ليبيا-واد سوف أو تونس- تبسة، وهو ما يجعل الرقابة مشدّدة على هذه الأماكن.

إلى هنا، يعلق محدّث "الترا جزائر": "ليبيا باتت مركز ًا  لتهريب السلع المحظورة إلى الجزائر على غرار المفرقعات والحبوب المهلوسة، قطاع الغيار وغيرها".

جمعية وهيئات تحذر

من جهتها، تحذّر هيئات رسمية وجمعيات الدفاع عن المستهلك والأطفال، من تداول المفرقعات بين أيدي الأطفال والشباب، وتحصي وزارة الصحة سنويًا حوادث كثيرة تؤدي في بعض الأحيان إلى بتر الأطراف وفقدان البصر وجروح خطيرة ونشوب الحرائق في المنازل والسيارات جراء استعمال هذه المواد الخطيرة.

تحذر هيئات رسمية وجمعيات الدفاع عن المستهلك والأطفال من تداول المفرقعات بين أيدي الأطفال والشباب

وتقوم السلطات وفعاليات المجتمع المدني بحملات توعية بهدف دق ناقوس الخطر، بسبب استعمال المفرقعات والألعاب النارية والمطالبة بالقضاء على سوق الموازية وتشديد الرقابة على مصادر هذه السلع.