27-ديسمبر-2023
فنانين

(تركيب: الترا جزائر)

توشك سنة 2023 على النهاية، وفي ساعاتها الأخيرة يستذكر الجزائريون عدد من الشخصيات التي خلّدت اسمها بأحرف من ذهب في المشهد الثقافي والفني في البلاد، فتعدّدت مجالات عملها ونشاطها، ولكن أثرها باق ورحيلها خلّف حزنًا وصدمة، مهما اختلفت أسباب الموت.

"الترا جزائر" يستذكر معكم أسماء كتاب وفنانين ومغنيين ومسرحيين فقدتهم الجزائر في 2023... وهم:

عبد المالك مرتاض

كان شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حزينًا في الجزائر والعالم العربي، برحيل الناقد الجزائري عبد الملك مرتاض، الذي يعدّ مرجعًا في الدراسات الأدبية والنقدية بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 88 عامًا.

 مرتاض الذي رحل يوم الجمعة 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ترك حزنًا عميقًا في نفوس مُحبيه وفي نفوس الكتاب والمثقفين، الذين نعوه بكلمات مؤثرة نابعة من القلب تعكس مدى قيمة هذا الرجل الذي فقدته الجزائر.

وعن مرتاض قال الرئيس عبد المجيد تبون في رسالة التعزية: "انتقل إلى جوار ربه في هذه الجمعة المباركة الدكتور عبد المالك مرتاض، أحد أعمدة اللغة العربية في الجزائر ومربي الأجيال..رحل الرجل ويبقى الأثر".

وقالت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، في حق الرجل: "إنّ الجزائر بل العالم العربي كله خسر برحيل الأستاذ مرتاض قامة شامخة في الأدب العربي، فهو الأديب الروائي والمفكر والناقد والمؤرخ، فقد أسهم إسهامًا واسعًا في عديد ميادين المعرفة والعلم والأدب."

في رصيد الراحل عدة مؤلفات  المتنوعة بين الأدب والدراسات الفكرية والنقدية من بينها "الميثولوجيا عند العرب"، "عجائبيات العرب"، "القصة الجزائرية المعاصرة"، "ألف ليلة وليلة (تحليل تفكيكي لحكاية حَـمّال بغداد)، تحليل الخطاب السردي (تحليل سيميائي مركب لرواية (زقاق المدق) لنجيب محفوظ، "سؤال الكتابة ومستحيل العدم"، "العَـربية أجمل اللغات"، "العَـربية أعـظم اللغات"، "الثقافة الجزائرية بين التأثير والتأثر"، "القصة في الأدب العربي القديم"، "النص الأدبي من أين إلى أين"، "أدب المقاومة الوطنية"، "صوت الكهف"، "الحفر في تجاعيد الذاكرة".. وغيرها.

 محمد الأخضر السائحي

بداية كانون الثاني/جانفي2023، توفي الشاعر والأديب الجزائري محمد الأخضر عبد القادر السائحي، المعروف في الوسط الثقافي باسم "السائحي الصغير" عن عمر 89 عامًا، بالعاصمة الجزائر.

ولد الشاعر والقاص والكاتب والإذاعي محمد الأخضر عبد القادر السائحي يوم الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1933، بالعالية في مدينة توقرت، التي نشأ ودرس فيها مراحله الأولى، وأكمل مشواره التعليمي في باتنة، ليقصد بعدها جامع الزيتونة سنة 1949، حيث نال شهادة التحصيل 1956، لتنطلق موهبته الشعرية و كتابة القصة القصيرة التي كان يشارك بها في العديد من المسابقات.

الراحل يعتبر من أبرز الشعراء الجزائريين في النصف الثاني من القرن العشرين، إذ كتب في الشعر وفن الأوبريت والملحمة والقصيدة الغنائية، كما كتب للكبار والصغار، وعُرف كمقدم برامج إذاعية، ولم يتوقف عن نشاطه وحيويته رغم سنه ضمن جمعية محمد الأمين العمودي الثقافية.

مصطفى بلكحلة

بداية آذار/مارس 2023، فارق الفنان التشكيلي والمدير السابق للمتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط مصطفى بلكحلة، الحياة عن عمر ناهز 74 عامًا.

وعرف بلكحلة، وهو من مواليد 1949، بالعديد من الأعمال التشكيلية وخصوصًا في فن المنمنمات، وقد قدّم إبداعاته في العديد من المعارض بالجزائر وخارجها، كما كرّس حياته أيضا للحفاظ على هذا الفن وعلى فني الخط العربي والزخرفة.

وكان الراحل مديرًا للمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط (مصطفى باشا) بالعاصمة من 2007 إلى 2016، كما كان محافظًا للمهرجان الدولي للخط العربي والمنمنمات والزخرفة، وقد شغل أيضًا إدارة جمعية الفنون الجميلة للجزائر العاصمة التي كان من مؤسسيها.

وقبل وفاته كُرِّم الفنان بمقر المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، وهذا نظير ما قدمه للفن التشكيلي الجزائري من إبداعات ومساهمته في الحفاظ عليه من خلال التكوين.

مكي عبد الرحمان

فقدت الجزائر في نوفمبر /تشرين الثاني 2023 أحد أعمدة الفن التشكيلي المعاصر الفنان مكي عبد الرحمان، والذي يعدُّ من قامات الفن التشكيلي الجزائري، حيث كان مديرًا للمدرسة الجهوية للفنون الجميلية وهران لأكثر من 30 سنة وتتلمذت على يديه أجيال من الفنانين التشكيليين الجزائريين، وله عديد المساهمات الفنية زيّنت بها مدينة وهران وعديد المدن الجزائرية.

عدلان بخوش

ممثل ومخرج مسرحي شاب، فقدته الساحة الفنية الجزائرية، إثر حادث انفجار غاز ثاني أوكسيد الكربون بشقته بقسنطينة، يوم 23ماي/أيار 2023،  وقد خلفت وفاته حزنًا كبيرًا في أوساط الفنانين الجزائريين.

عدلان بخوش، رحل عن 35 عامًا، عُرِف بإسهاماته الفنية العديدة في خدمة المسرح الجزائري، والتزامه رغم صغر سنه بنشر الثقافة المسرحية من خلال الدروس التي قدمها لسنوات بمدرسة المسرح بقسنطينة لفائدة المواهب الصاعدة.

شارك عدلان بخوش المتخرج من المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري بالجزائر العاصمة في عدة أعمال مسرحية كممثل ومخرج ومساعد مخرج، منها مساعد مخرج في الملحمة التاريخية "ألا فاشهدوا" بمناسبة الذكرى الستين للاستقلال. كما شارك أيضا كممثل في مسرحية "صالح باي" وعديد الأفلام القصيرة مع مخرجين جزائريين كبار.

عبد الحليم زريبيع

في الـ25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، توفي، الممثل عبد الحليم زريبيع أحد أبرز الوجوه المسرحية والسينمائية والتلفزيونية في البلاد، رحل زربيع في صمت وفي هدوء عن عمر ناهز 60 عامًا بعد مسيرة حافلة بالإبداع على الخشبة والشاشة.

حليم زريبيع ممثل معروف، عانق الخشبة لسنوات طويلة، وتألق عبر الشاشة سينمائيًا ودراميًا، رحل فجأة، رحل في صمت، لكن بصمته باقية، في السينما والمسرح والتلفزيون بأعمال تخطّت حدود جغرافيا الجزائر.

من عمق الصحراء الجزائرية (ولاية تندوف جنوب غربي البلاد)، قدم حليم زريبيع أسدُ "الخشبة والشاشة"، متحدّيًا كل العوائق والصعوبات التي اعترت بداياته الأولى في الفن، فاستطاع بفضل موهبته وإصراره أن يحقق نجاحات  انطلاقًا من مسرح تندوف، ويخلدّ اسمه بأحرف من ذهب على ركح المسارح الجزائرية وفي أعمال تلفزيونية وسينمائية لمخرجين كبار.

رحيل حليم زريبيع، صدم محبيه وأصدقاءه وزملاؤه في الفن، بعضهم لم يصدّق الخبر، بعضهم استعاد ذكرياته معه بصور ودردشة ولقاءات جمعتهم سابقًا، وبعضهم الآخر رثاه بكلمات من القلب، كلّها حسرة على فراق اتفق الجميع على حبه.

محمد يوسماحة:

نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وفي صباح إثنين أسود، نزل خبر رحيل  محمد بوسماحة، إثر حادث مرور بلجيكا رفقة صديقه العازف أمين لاكولومب، كالصاعقة على الجمهور والوسط في الفني في الجزائر، فتضاربت أنباء حول فواته بعد نقله إلى العناية المركزة.. وبعد ساعات تأكدت وفاة بوسماحة.

ولد محمد بوسماحة في 23 كانون الثاني/جانفي 1985، حاصل على شهادة البكالوريا سنة 2006 وولج الجامعة أين درس سنتين في تخصص علوم إنسانية، لكن لم يواصل دراسته الجامعية بسبب شغفه بالموسيقى، التي بدأ دراستها سنة 2009 بالمعهد الجهوي للموسيقى بوهران (ملحقة سيدي بلعباس).

ويعتبر محمد بوسماحة، أحد الفنانين المشهورين في الجزائر، استطاع إثبات وجوده في الساحة الفنية التي تعج بالمواهب الغنائية والموسيقية، حيث تخرج بوسماحة، في المركز الأوّل من برنامج "ألحان وشباب" عام 2013 في طبعتها الرابعة، ليُبدع في أداء أغاني "الراي"،  ويصدر عددًا من الألبومات أبرزها ألبوم يكرّم فيه الراحل عندليب الراي الشاب حسني بإعادة أغنيه "سهر الليالي".

وفي 2018 نصّب بوسماحة محافظًا لمهرجان أغنية "الراي"، وقد تمكن من إعادة البريق لهذا الحدث الفني، بدعوة أهمّ فنانين الراي في بلاده أمثال الشابة الزهوانية، هواري دوفان، الشاب بلال، بلال الصغير، فرقة راينا راي، الشيخ ناني، كادار الجابوني، الشاب حسام، الشابة دليلة.. وغيرهم.

أمين لاكولومب:

شاء القدر أن يرحل العازف أمين لاكولومب واسمه الحقيقي محمد عيدر، في بلجيكا، عندما كان في السيارة التي أقلته مع مواطنه وصديقه مغني الراي محمد بوسماحة، فوقع الحادث المروع صباح الإثنين 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

الهادي رجب

يوم 28 يناير/كانون الثاني2023، وافت المنية، بالجزائر، الفنان بوليفة الهادي المعروف باسم الهادي رجب، عن عمر ناهز 82 عامًا، ويعدُّ الراحل واحدًا من عمالقة الأغنية الجزائرية خاصة الأغنية الوطنية.

الهادي رجب عضو من أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، وهو أصغرهم، عرف بالنضال والمقاومة في سبيل إعلاء راية الجزائر، خلال الثورة التحريرية، ساهم رفقة الأعضاء الآخرين في التعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية من خلال المهرجانات الفنية الدولية.

والراحل أحد أعمدة الفن الجزائري انخرط مبكرًا في صفوف الثورة التحريرية ضمن أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، وكان من أولئك الأفذاذ الذين نقلوا صوت الثورة إلى مختلف ربوع العالم حاملين الرسالة الشريفة لكفاح الشعب الجزائري وقضيته العادلة.

الهادي رجب من مواليد 1941 التحق بقاعدة جيش التحرير، بتونس، وعمره لم يتعد الـ14 ربيعًا وانضم إلى الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، وعمل مع العديد من الفنانين من أمثال أحمد وهبي ومصطفى كاتب ومصطفى بديع.

وعرف الهادي رجب بجمال صوته وحسن آدائه لمختلف الأغاني الثورية، العاطفية والاجتماعية، وقد عمل بالإذاعة، حيث اشتهر الفنان مغاربيًا وعربيًا ومن أشهر أغانيه "قلبي يا بلادي لا ينساكي" و"شوف الورد" وكذا رائعته مع المرحومة صباح الصغيرة "آدم وحواء".

وعقب وفاته أصدر الرئيس عبد المجيد تبون قرارًا يقضي بمنح الفنان المناضل الهادي رجب الجنسية الجزائرية.