07-يناير-2024
الفنان

(الصورة: فيسبوك)

أوصى الرئيس عبد المجيد تبون، بترقية الصناعة السينماتوغرافية لإعادة البريق للبلاد عبر هذا النشاط الحساس والحيوي الذي أصبح استثمارًا حقيقيًا لدى بعض البلدان الأخرى ومصدر ثروة هام جدًا.

مشروع قانون الصناعة السينماتوغرافية الذي بحوزة "الترا جزائر" تحدث في فصوله عن الإعانات المالية والدعم وأخلاقيات النشاط السينمائي، وكذا عقوبات  لكل من يرتكب مخالفات

في فيفري/شباط الماضي، الرئيس تبون لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء أصدر تعليمات بإثراء مشروع قانون الصناعة السينمائية عبر عقد جلسات، وإشراك الفاعلين ومهنيي القطاع وضبط آليات واضحة لتمويل المشاريع في هذا القطاع، لكن تأجل المشروع لإثرائه مع الأخذ بعين الاعتبار توجيهات الرئيس.

وقبل أيام قليلة فقط، درست الحكومة في اجتماعها برئاسة الوزير الأول، نذير العرباوي، الصيغة المعدلة للمشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية على ضوء توجيهات رئيس الجمهورية.

الصناعة السينماتوغرافية.. استثمار واقتصاد؟

"التراجزائر" تحصلّ على "مشروع قانون الصناعة السينماتوغرافية"، والذي تضمن عديد النقاط تتعلق بتنظيم نشاط السينما، من خلال مجموعة قوانين.

جاء في هذا المشروع أنّ "تكريس الطابع الصناعي للسينما في هذا المشروع، إضافة إلى طابعها الفني المتعارف عليه، يندرج ضمن المقاربة الاقتصادية الجديدة للثقافة  التي تقوم على تطوير وترقية الصناعات الثقافية، ومن ضمنها الصناعة السينماتوغرافية التي تشكل محورا أساسيا لها، وذلك عن طريق تشجيع الاستثمار في هذا الميدان وتقديم كل التحفيزات للمهنيين."

وبحسب هذه المقاربة فإنّ "مشروع الصناعة السينماتوغرافية، في طابعه الاقتصادي يقوم على خلق الثروة وخلق مناصب الشغل، وتخفيف الإجراءات الإدارية لإنشاء مؤسسات سينمائية وضمان استمراريتها مع ضبط حالات منح الرخص أو تعليقها، وكذا إنشاء مدن سينمائية واستوديوهات تصوير والصناعات التقنية الأخرى، لكن شريطة أن تخضع لشروط.

وفي مجال الأرشيف، سيتم –بحسب مشروع القانون- تنظيم عملية استرجاع الأرشيف وحفظه ورقمنته وجرده وحفظه وتثمينه ولا يتم ذلك إلاّ عن طريق مختصة تعمل تحت وصاية وزارة الثقافة.

وفي مجال الاستغلال السينمائي، يخضع مشروع هذا النص إلى  استغلال قاعات السينما ومركبات قاعات السينما لدفتر شروط يحدد عن طريق التنظيم، أحكاما تتعلق بالجوانب التقنية والمقاييس المطلوبة وكذا إنشاء لجنة تحدد كيفية تصنيف القاعات  بما يضمن سلامة الجمهور.

حقوق الملكية.. وشروط إنتاج الأفلام

ولم يغفل مشروع القانون، جانب حفظ حقوق الملكية وحمايتها من خلال إلزام الموزعين بتقديم ما يثبت حصولهم من صاحب الحق على الترخيص باستغلال مصنفاته السينمائية في قاعات العرض أو عبر المنصات الإلكترونية أو الدعائم التسجيلية.

الأمر ذاته بالنسبة لاستغلال الأفلام وبغرض إحداث الانسجام الضروري بين مختلف المصالح المعنية بالإنتاج والتوزيع السينمائيين، وإشراكها في اتخاذ القرار بالنسبة لإنتاج الأفلام الثورية والأفلام ذات المواضيع الدينية، والسياسية والشخصيات الوطنية ورموز الدولة، كما تمنح رخص التصوير بموجب القوانين الخاصة لموافقة الهيئات التي تتبعها.

القانون يُلزم المنتجين الأجانب الذي يصورون أفلامًا في البلاد بالاستعانة بتقيين وفنيين من الجزائر

مشروع قانون الصناعة السينمائية، سلّط الضوء على حرية الإبداع السينمائي، واعتبر أنها يجب أن تتم في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية واحترام الأشخاص والمصالح العليا للأمة والقيم والثوابت الوطنية، وعليه تمنح أو ترفض رخص الاستغلال لأي فيلم مهما كانت الدعائم المستعملة. أمّا بالنسبة لمهني السينما، يتضمن المشروع أحكامًا تهدف إلى ترقية التكوين وتأهيل الكادر البشري وتنظيم منح البطاقة المهنية، بحيث يرتقب صدور قانون أساسي وميثاق أخلاقيات المهنة وآدابها في هذا الشأن.

ويلزم المشروع المنتجين الأجانب الذي يصورون أفلامًا في الجزائر، الاستعانة بتقيين وفنيين من الجزائر، بنسب محددة، ولاحترام هذه الأحكام فقد تم منح المراقبين والمفتشين  السينمائيين صلاحية المراقبة بالنسبة لمدى احترام الأحكام المحددة ضمن مشروع هذا النص وفي دفتر الشروط المتعلق بالاستغلال السينمائي، وتمكينهم من معاينة المخالفات وإعداد محاضر.

ضبط مفاهيم الصناعة السينماتوغرافية

ويوضح هذا القانون مجموعة من المفاهيم المتعلقة بالنشاط السينمائي ومنها: الصناعة السينماتوغرافية: مجموع العمليات الإنتاجية والخدمية المتكاملة والمترابطة التي تساهم في إنجاز أفلام سينمائية.

خدمات سينمائية: النشاطات التقنية المتعلقة بمعالجة التسجيلات المصورة والصوت ومزجها وتركيبها وإدخال المؤثرات الخاصة عليها ودبلجة الأفلام السينمائية وترجمتها وسحب النسخ بغرض استغلالها، وكل الخدمات التقنية لاسيما منها التي توفرها الاستوديوهات والمدن السينمائية.

الفيلم: كل فيلم سينمائي خيالي طويل أو قصير أو وثائقي موجه للعرض على شاشات السينما لصالح الجمهور.

فيلم قصير: كل فيلم تقل عن مدته 60 دقيقة، والفيلم الطويل: كل فيلم تساوي مدته أو تفوق ستين دقيقة، بينما الوثائقي كل عمل ذو طابع إعلامي أو توثيقي يستعرض وقائع حقيقية ويمكنه أن يتضمن مشاهد خيالية. أمّا فيلم هوّاة: كل فيلم غير موجه للاستغلال التجاري ينجز بامكانيات مالية أو تقنية محدودة من طرف شخص ليست له صفة منتج سينمائي.

الجينريك: المعلومات المكتوبة عن فيلم يتم بثها على الشاشة في بداية ونهاية العرض، الإنتاج المشترك: كل فيلم يشارك في إنتاجه منتجان سينمائيان أو أكثر. بينما المنتج يتولى في إطار مؤسسة إنجاز فيلم باسمه، إضافة إلى ضبط مفاهيم المنتج المشارك، المنتج المفوض، المنتج تنفيذي والمخرج.

كما حدّد مشروع قانون الصناعة السينماتوغرافية مفهوم الموزّع، التأشيرة الثقافية، مستغل، مؤسسة الاستغلال السينمائي، منصة إلكترونية، المصالح المعنية تحت وصاية وزارة الثقافة.

وتحدث مشروع القانون عن السياسة الوطنية في الصناعة السينمائية خاصة فيما يتعلق بـالتطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للصناعة السينماتوغرافية، وتكييف هذه الصناعة مع التطورات والابتكارات التكنولوجية، وترقية وتطوير الاستثمار في الصناعة السينمائية، وكذا الرفع من القدرات التنافسية للسينما الجزائرية، وتنويع الإنتاج السينمائي، تثمين الأحداث التاريخية ومآثر المقاومة الوطنية والثورة التحريرية، التعريف بالتاريخ والذاكرة الوطنية، .. وغيرها.

وذكرت المادة الـ4 أنّ "نشاطات إنتاج وتصوير وتوزيع واستغلال الأفلام السينمائية تمارس بحرية في ظل احترام الدستور والثوابت الوطنية وكرامة الأشخاص، والمصالح العليا للأمة.. وغيرها،

وجاء في المادة 5 أنّ "إنتاج الأفلام التي تتناول أحداث ورموز فترة المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، تخضع إلى رخصة مسبقة يسلمها الوزير المكلف بالمجاهدين.

أمّا المادة 6 من الباب الثاني المتعلق بممارسة النشاطات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية، تشمل نشاطات الإنتاج والإنتاج المشترك والتوزيع والاستغلال والاستيراد والتصدير للأفلام وكذا ممارسة النشاطات المتعلقة بالخدمات السينمائية.

عقوبات للمخالفين

مشروع قانون الصناعة السينماتوغرافية، الذي تحدث في فصوله وأبوابه عن الإعانات المالية والدعم، وكيفية توزيعه ومنحه، كما تحدث عن أخلاقيات النشاط السينمائي، وخصص بابًا (الباب السابع) للعقوبات وذلك في إطار تنظيم النشاط السينمائي وترقية السينما وجعلها رافدا اقتصاديا، حيث أورد مجموعة من العقوبات لكل من يرتكب مخالفات.

وتضمنت المادة62 ما يلي: "زيادة على ضباط وأعوان الشرطة القضائية، يؤهل بمعاينة المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون، المراقبون والمفتشون السينمائيون. حيث يؤدي المراقبون والمفتشون اليمين.

وجاء في المادة63:  "يجوز للمراقبين والمفتشين السينمائيين القيام بزيارات دورية فجائية في قاعات السينما ومركبات قاعات السينما وفضاءات العرض العمومية وكذا في محلات بيع وإيجار الدعائم التي تتضمن تسجيلات أفلام سينمائية موجهة للاستعمال الخاص للجمهور وفي المنصات الإلكترونية."

المادة64: "يترتب على معاينة المخالفات المنصوص عليها في القانون، إعداد محاضر تبين بدقة اسم أو أسماء أو الأعوان المؤهلون الذين عاينوا المخالفات وهوية المخالف وتصريحه وتاريخ وساعة ومكان المعاينة والوقائع التي عايشوها وطبيعة المخالفة."

ويوقع المحضر العون أو الأعوان ومرتكب المخالفة، وفي حال رفض هذا الأخير التوقيع أو في حال عدم التعرف على هويته يذكر ذلك في المحضر.

وبحسب المادة 65: "يمكن للأعوان بعد تحرير المحضر، اتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف التعدّي أو حجز التجهيزات والوسائل والأدوات المستعملة في ارتكاب التعدّي أو تشميع الأماكن عند الاقتضاء."

أمّا المادة 66 فتنص: "ترسل محاضر معاينة المخالفات حسب الحالة، إلى المصالح المعنية بالوزارة المكلفة بالثقافة إذا كانت المخالفات ذات طابع إداري أو إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميًا إذا كانت المخالفات ذات طابع جزائي.

ويتم تعليق رخصة ممارسة النشاط السينمائي  لمدة أقصاها 6 أشهر، في حالة المخالفة بحسب المادة 67، في حين المادة 68 تنص على أنّ كل إخلال بأحكام المواد 23 و24 و31 و45 من هذا القانون، تعليق رخصة ممارسة النشاطات السينمائية إلى غاية إتمام الإجراءات المطلوبة، وفي المادة 68 "يترتب على كل إخلال بأحكام المادتين 20 و39 السحب النهائي لرخصة ممارسة النشاط السينمائي، بينما المادة 69 فتحدد كيفيات تطبيق أحكام هذا الفصل عند الاقتضاء عن طريق التنظيم.

السجن لكل من..؟

وأفرد مشروع قانون السينما، فصلًا خاصًا بالعقوبات الجزائية، وحسب الملاحظ تبدو العقوبات قاسية، بحيث جاء في المادة 70: "يعاقب الحبس من سنة إلى 3 سنوات وبغرامة مالية من مليون دينار إلى 2 مليون دينار، كل من يقوم خرقًا لأحكام المادة 4 من هذا القانون، بممارسة أو تمويل نشاط إنتاج أو تصوير أو توزيع أو استغلال أفلام سينمائية مخالفًا بذلك الدستور وقوانين الجمهورية وكرامة الأشخاص والمصالح العليا للأمة والقيم والثوابت الوطنية والمرجعية الدينية والديانات الأخرى."

وبحسب المادة 71: "يعاقب بغرامة مالية من 500 ألف دينار إلى 1 مليون دينار كل من يخالف أحكام المادة 24 من هذا القانون."

وعن العقوبات الجزائية أيضًا ورد في المادة 72: "يعاقب بغرامة مالية من 2 مليون دينار إلى 4 ملايين دينار كل من يمارس نشاطًا سينمائيًا دون الحصول المسبق على الرخص الإدارية أو يعرض فيلمًا دون الحصول على التأشيرة السينمائية التي تسلّمها المصالح المعنية تحت وصاية الوزارة المكلفة بالثقافة."

وفي المادة 73 جاء:  "ما لم يشكل الفعل المرتكب جريمة أشد، يعاقب بغرامة مالية من 1 مليون دينار إلى 2 مليون  دينار، كل مستفيد من الدعم العمومي للصناعة السينماتوغرافية، لم يرجع الأموال الممنوحة له بعد إلغاء الاتفاقية بسبب عدم الشروع الفعلي في إنجاز المشروع."

غرامات مالية لهؤلاء

كما تضمنت المواد 74 و75 و76 عقوبات متباينة، في الغرامة المالية لكل من يخالف دفتر الشروط وكل منتج لدعائم تسجيلية للأفلام أو مستغلها عبر المنصات الإلكترونية أو القنوات التلفزيونية، ولا يقوم بطبع البيانات المنصوص عليها في المادة 38 من هذا القانون.

المشرّع خصّص أكثر من 3 مواد تشرح حالات سحب رخصة ممارسة النشاط السينمائي

كما يعاقب بالعقوبات المقررة لجريمة التصريح الكاذب وجريمة التزوير حسب الحالة، أو من يحاول الحصول أو يحاول الحصول على رخصة بممارسة النشاط السينمائي أو تأشيرة أو بطاقة مهنية للسينما عن طريق تصريحات كذبة أو تقديم معلومات خاطئة أو شهادات أو أي وثائق إدارية مزوّرة. كما يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 153 من الأمر رقم 3-5 المؤرخ في 19 تموز/جويلية 2003 كل من يسجل على دعائم فيلما سينمائيا أثناء عرضه في قاعة عرض سينمائي، بحسب المادة 77... وغيرها.

في السنوات الماضية، كانت هناك مبادرات لوزراء تعاقبوا على وزارة الثقافة من أجل تفعيل وتطوير قطاع الفن بصورة عامة وخاصة القطاع السينمائي، غير أنّها لم تنجح وتوقفت في مهدها، ما أحدث شللًا بارزًا في القطاع على صعيد قلّة إنتاج الأفلام إلى اقتصرت على تصوير بعض الأفلام التاريخية، تراجع عدد المهرجانات السينمائية بتعليقها أو إلغائها، تقلص قاعات السينما على المستوى الوطني، عدم وجود إطار قانوني ينظم المهنة.. وغيرها.

2023 شاهدة على ميلاد أوّل قانون للفنان الجزائري منذ تاريخ الجزائر المستقلة، وقد تأتى ذلك بعد عديد الجلسات التشاورية الماراثونية بكل ولايات البلاد لمناقشة وإثراء هذا القانون، كما أنّ إعادة بعث إنجاز فيلم عالمي عن الأمير عبد القادر تعكس هذه الرؤية التي يتضمنها مشروع قانون الصناعة السينماتوغرافية.